الخميس، 16 أكتوبر 2014

ميلان انزاجي .. و موسم آخر للرهان !






ست جولات فقط انقضت من الدوري بدأنا نشاهد بعدها تقييمات وأحكام نهائية من بعض محبي الميلان على الفريق بمدربه ولاعبيه وهو أمر غير منطقي لفريق مازال تائه مع ادارته العاجزة عن ايجاد خطة واضحة تعيد من خلالها إنعاش الفريق في المرحلة الإنتقالية التي يمر بها منذ 2012 دون بوادر إيجابية تبشر بعودة زعيم اوروبا لمكانه الطبيعي .. !


إقالة سيدورف وتعيين بيبو انزاجي زميله من نفس الجيل والفريق وبتجربة تدريبية أفضل بنسبة ضئيلة بعد موسم واحد قضاه مع فريق الشباب انقسم حولها جمهور ميلان مابين مؤيد ومعارض .. على المستوى الشخصي وكتقييم استباقي قبل بداية الموسم " اتمنى أن أكون مخطئاً فيه " ذكرت أن تجربة انزاجي التدريبية في ميلان من الصعب نجاحها .. هذا الرأي يستند على نقطتين ، الأولى جوهرية والأخرى ثانوية ليس بالضرورة أن تعمم كقاعدة ثابتة ..


النقطة الأولى هي أن الظروف ليست ملائمة لإنزاجي فلا هو المدرب صاحب الخبرة ولا ميلان الفريق المكتمل المتوفرة فيه كل ظروف النجاح بل العكس تماماً .. والقاعدة التي يجب على بيرلسكوني فهمها هي أن ميلان نقطة وصول للمدرب وليس نقطة انطلاق خصوصاً في الوقت الحالي الذي يحتاج فيه الفريق لمدرب بخبرة كبيرة يعيد فيها شيء من الاتزان لكن الإدارة ليست قادرة على التعاقد مع هذا النوع من المدربين لإرتفاع مرتبهم وليس كما تحاول أن تبرر ذلك ببناء فريق جديد مع مدرب شاب من داخل الميلان ..


أي مدرب مبتدئ يعيش تجربته الأولى يحتاج لأمرين .. إما أن يتدرج مع اندية الدرجات الدنيا أو اندية المؤخرة ثم الوسط وبعدها يستلم تدريب نادٍ كبير أو أن يستلم " دريم تيم " بعناصر هي الافضل في العالم كما حصل لـ ساكي - كابيلو و جوارديولا ، لكن مع الأسف انزاجي يقود فريق بإسم كبير وتاريخ عظيم بحاضر سيء يمر فيه بمرحلة انتقالية مع عناصر محدودة جداً إما بالإمكانيات أو الخبرة ، كل ذلك يصحبه ضغط إعلامي وجماهيري بشكل يومي ومتابعة وتحليل لأدق تفاصيل الفريق وهذا يصعب من مهمة المدرب المبتدئ الذي بلا شك سيرتكب العديد من الاخطاء ليتعلم منها وتزيده خبره لكن الاعلام لن يترك تلك الاخطاء ويحمله الكثير من الضغوطات التي تساهم غالباً بسقوطه ..


النقطة الثانية وهي تعتبر وجهة نظر خاصة من خلال متابعة شخصية للمدربين تكونت لدي قاعدة أن اللاعب المهاجم يفشل غالباً في النجاح كمدرب ويميل اسلوبه للهجوم على حساب الدفاع وكذلك المدافع يغلب عليه الطابع الدفاعي .. بينما انجح المدربين واكثرهم توازناً هم لاعبوا الوسط الذين يسمح لهم مركزهم بأخذ فكرة جيدة عن التنظيم الدفاعي والهجومي بما انهم يشاركوا في الحالتين .. هناك استثناءات بالطبع مثل المهاجمين فيرجسون وهيتسفيلد والمدافعين ليبي وبيكنباور لكن باقي المدربين الذين برزوا ونجحوا بتحقيق التوازن ممن تابعت كانوا لاعبي خط وسط منهم على سبيل الذكر لا الحصر " كابيلو - فينجر - فان جال - هيدينك - مورينيو - جوارديولا - اليجري - كونتي - سيميوني " ..


وكما نلاحظ في بدايات انزاجي فإنه حتى الان يسير على نفس القاعدة بهجوم قوي ودفاع سيء " سجل 13 هدف وتلقى 9 " لكنها البداية والعناصر لا تساعده على ايجاد التوازن ..


كأرقام ونتائج مسيرة انزاجي حتى الان رائعة .. عندما نتحدث عن مدرب جديد مع فريق بعناصر جديدة غير منسجمة في مرحلة انتقالية فإننا نذكر في عهد بيرلسكوني انجح تجربتين في هذه الظروف " ساكي وانشيلوتي " .. ولو قمنا بعمل مقارنة سريعة لأرقام هذا الثنائي مع انزاجي بعد أول 6 مباريات سنجد أن بداية بيبو افضل منهما بـ 3 انتصارات و 11 نقطة وفارق اهداف +4 مقابل انتصارين لساكي و 8 نقاط " بإحتساب الفوز من 3 نقاط رغم أن الحساب وقتها نقطتين " وفارق اهداف +1 وانتصارين لانشيلوتي و 9 نقاط وفارق اهداف +1 ..


نعم الدوري وقتها كان أقوى والخصوم اصعب لكن في المقابل عناصر ميلان حينها كانت افضل من الفريق الحالي بفارق كبير جداً ..


هذه أول نقطة تحسب لانزاجي .. النقطة الثانية مرونته ونجاحه بفرض شخصيته على اللاعبين وكسب ودهم وصنع علاقة مميزة معهم دون أي تحزبات في غرفة الملابس بالإضافة لكسب ود الإدارة رغم التدخلات المستفزة من بيرلسكوني " نقطة سأتطرق لها لاحقاً " حيث بالغ في الاستماع لنصائح الرئيس وهذا ما أثر بشكل واضح على اداء الفريق .. مع الخبرة سيتعلم كيف يوازن بين ارضاء بيرلسكوني وفرض خياراته التكتيكية .. هذه النقطة فشل فيها سيدورف وكانت السبب الرئيسي لإقالته بعد أن انكسرت العلاقة بينه وبين الإدارة في ظرف شهرين فقط لمحاولته فرض اسلوبه على الادارة وهذا ما لا يمكن حدوثه في ميلان تحديداً ..


ومن هنا ادخل للنقاط السلبية للسوبر بيبو .. عندما كان يقود فريق الشباب استخدم دائماً طريقتين " الرئيسية 4-3-3 والثانوية 4-3-1-2 " وعندما بدأ مع الفريق الاول كان يؤكد على أن اسلوب لعبه سيكون 4-3-3 لكن وبعد الاجتماع مع بيرلسكوني خرج بتصريح يقول فيه أنه يحضر الفريق ليكمل الموسم بطريقة 4-2-3-1 والمتابع الجيد يدرك أن هذا الاسلوب يتماشى مع نظرية بيرلسكوني الذي يريد مشاركة كل العناصر الهجومية في تشكيلة واحدة ودائماً ما كرر هذا الطلب من المدربين ولم يتم العمل به ..


قلة خبرة انزاجي تجعله ينفذ تعليمات بيرلسكوني ويعتقد أن مخالفتها تعني اقالته ، في المقابل انشيلوتي بخبرته كان يوازن بين الأمرين كما صرح في وقت قريب عن تجربته مع بيرلسكوني المعروف بكثرة حديثه مع المدربين حيث كان يطلب منه وضع كاكا كمهاجم .. انشيلوتي يقول انه كان في المباريات التي يحضرها بيرلسكوني يطلب من كاكا التواجد اول 5 دقائق كمهاجم ثم العودة لمكانه في الوسط فقط ليلاحظ بيرلسكوني أن تعليماته تم تنفيذها !!


بيرلسكوني لم يكتفي بإيقاف الانفاق على النادي بل اصبح يشكل أزمة حقيقية للفريق بعد تفرغه لميلان وابتعاده عن السياسة ، لا يدعم ولا يترك المدرب يعمل بأريحية .. بعد مباراة اليوفي لام انزاجي على عدم تطبيق تعليماته أي مجاراة وسط اليوفي الأقوى في ايطاليا ومحاولة الضغط عليه وهذا لو تم سيجعل النتيجة من 1-0 إلى اكثر من 4 .. مشكلة بيرلسكوني أنه مايزال يعيش في اوهامه ويتعامل مع الفريق على أن وسطه يضم ريكارد - جاتوزو - البرتيني - دونادوني - سيدورف - كاكا .. الخ !


بدأ انزاجي أول مباراتين بشكل مثالي وحقق انتصارين أمام لاتسيو وبارما اظهر خلالها سرعة بديهة ومرونة تكتيكية وقراءة مميزة لأحداث المباراة ، الكل لاحظ أن الفريق تطبّع سريعاً بشخصية مدربه القتالية الحماسية لكن كل ذلك اختفى بعد أول سقوط امام يوفنتوس .. ظهر الفريق بعدها مشتت مرتبك وفقد 4 نقاط أمام الصاعدين امبولي وتشيزينا حتى امام كييفو كانت الرغبة والروح غائبة وهذه نقطة سلبية أخرى تحسب على انزاجي الذي لم يتمكن من إعادة شحن الفريق معنوياً بعد خسارة مباراة القمة ..


لكن إن تحدثنا فنياً .. البداية المثالية حدثت لأن انزاجي لعب بواقعية حسب امكانيات الفريق بعناصره الحالية " تراجع للخلف وهاجم بالمرتدات " .. ميلان حالياً لا يمكنه أن يلعب بأسلوب غير هذا أي بمعنى أوضح لا يمكنه أن يفرض الضغط في منتصف الملعب ويستحوذ ويبدأ بصنع اللعب لأنه فريق غير متوازن ..


المشكلة تحديداً تكمن في خط الوسط الخالي من اللاعب الفني القادر على بدء الهجمة وإضافة خاصية فنية لخط بدني بحت .. خط وسط ميلان بإصابة مونتوليفو لم يعد به لاعب صالح للإستعمال سوى دي يونج الذي يقاتل وحيداً ويطلب منه التغطية وبناء الهجمة وتمويل المهاجمين في نفس الوقت وهي أمور لا يستطيع أن يفعلها لوحده في ظل تواضع اداء بولي ومونتاري .. والقاعدة المعروفة " خط وسط ضعيف = دفاع مكشوف وهجوم معزول " ..


انزاجي قلل من هذه المشكلة عندما أعاد بونافينتورا للوسط لكن ذلك لا يكفي ، المشكلة ستستمر حتى عودة مونتوليفو وبعدها قد تتحسن الأمور نسبياً ..


في ميلان انزاجي هناك حديث متكرر حول 3 لاعبين " اباتي - هوندا - دي شيليو " في ظل اختلاف عطائهم عن المعتاد إما سلباً أو ايجاباً ..


اباتي طوال مسيرته كان متذبذب الاداء .. عندما كان يلعب كجناح ايمن في امبولي و تورينو أو عندما عاد في ميلان كظهير ايمن وقدم في موسم السكوديتو والموسم الذي يليه أفضل مستوياته رغم بعض الهفوات الفردية الدفاعية لكن ظل دائماً سيء جداً في الكرات العرضية .. مشكلة تغلب عليها هذا الموسم بشكل مفاجئ وأصبح ظهير شبه متكامل .. ظاهرة لا تفسير لها إلا أن اللاعب قد يكون نضج في سن متأخره كالعديد من اللاعبين الايطاليين أو تكون مجرد فورة قد تنتهي في أقرب وقت وهذا ما اخشاه خصوصاً بعد أن ظهر في مباراة اليوفي بمستوى هزيل دفاعاً وهجوماً .. لكن بشكل عام يظل اباتي حتى الان من ابرز لاعبي الفريق إن لم يكن الابرز على الاطلاق وهنا أضع ألف علامة استفهام على تجاهل كونتي له !


هوندا هو القضية الأهم حالياً في ميلان بما أن الجميع يتحدث عنه بعد اهدافه الاربع بأنه تأقلم وانفجر .. الخ ، وسأتحدث بإسهاب عنه بما أن الاسئلة تتكرر لي بعد كل مباراة حول وجهة نظري السابقة في اللاعب والتي لا يمكن شرحها في مساحة تويتر الضيقة ..


فور قدومه لميلان تم تقديمه على أنه نجم كبير سيضيف الكثير وسيكون اللاعب رقم 10 وصانع الالعاب المميز ، حينها كان لي رأي مخالف مبني على أمور فنية بحتة لا علاقة لها بالتسويق الذي تطمح له إدارة الميلان .. قلت تحديداً أن هوندا لن ينجح في الكالتشيو لأنه وبإختصار لا يمتلك الخصائص التي تؤهله لذلك ..


حتى تنجح وتتألق كصانع العاب خلف المهاجمين في الدوري الايطالي وسط التكتلات الدفاعية والمساحات الضيقة والالتحامات القوية يجب أن تمتلك " قوة بدنية - سرعة انطلاق بالكرة - مهارة عالية " .. هوندا يمتلك فقط المهارة ويفتقد القوة والسرعة وعلى ذلك لا يمكنه اللعب خلف المهاجمين وهذا مافهمه سيدورف وانزاجي حيث لم يوضع خلف المهاجمين بل وتم وضع جناح مثل مينيز في هذا المركز وتفضيله على هوندا وهو تصرف سليم بلا شك ..


وضع هوندا على الجناح ابعده عن المعمعة والصراعات البدنية في العمق وهو أفضل مكان قد يفيد من خلاله الفريق في النواحي الهجومية فقط وهذا ماحدث خصوصاً قبل مشاركة توريس عندما كان انزاجي يلعب بهجوم حركي .. هوندا لديه ميزة التحرك القطري والتحرك بدون كرة في المساحات والتمركز واتقان التسديد ، كل تلك الأمور ينفذها بعبقرية وهذا لا يفاجئنا فنحن لا نكتشف هوندا الان ، افضل لاعب في كأس اسيا الاخيرة ومن تابعه هناك وفي بعض مباريات سيسكا موسكو يدرك أنه لاعب ذكي جداً ولديه نظرة مميزة للملعب لكنه بإختصار " الرجل المناسب في المكان الغير مناسب " ..


اهم خاصية للجناح هي السرعة وهذا مايفتقده الياباني لذا لا نشاهد منه اختراقات على الجناح وغالباً يلعب " على الواقف " وهذا الوضع لا يتناسب مع فريق طامح للمركز الثالث إلا إن تم بناء الفريق حوله واصبح محور الاداء وهذا يتطلب لاعب قوي بمهارات استثنائية " رونالدينيو مثلاً " .. أما في المنظومة التكتيكية للفريق هو بلا شك نقطة ضعف واضحة ومؤثرة خصوصاً في مساندة الوسط وتأدية الادوار الدفاعية والانطلاقات الهجومية وهو أمر طبيعي للاعب يفتقد السرعة والقوة البدنية ويفقد الكرة بسهولة تحت الضغط ويخسر معظم الالتحامات البدنية وهذا يسبب احراج للفريق حيث ترتد الهجمة عليه بشكل سهل ومفاجئ للاعبين .. هوندا يحتاج لأن يلعب في دوري اخر يكلف فيه بمهام هجوميه بحتة في مساحات اكبر من الكالتشيو .. على سبيل المثال لو انتقل إلى دورتموند سنشاهد لاعب مختلف 180 درجة ..


كل تلك الامور يتجاهلها الاعلام الايطالي ويتحدث بسطحية عن اهدافه فقط بل ويبالغ احياناً كما تفعل الجازيتا حين تم منحه في تقييم الصحيفة لمباراة كييفو علامة لم تمنح أعلى منها لأي لاعب في مباراة القمة " يوفنتوس × روما " !! بالرغم من أن هوندا لمس الكرة امام كييفو 58 مرة فقط وعدد المرات التي قام فيها بإفتكاك الكرة " صفر " وقدم اداء متواضع ختمه بهدف من ركلة حرة .. !


هوندا في ميلان ببساطة " لاعب مجتهد وليس نجم " وما يقوم به جالياني من دفاع عن اللاعب أمر طبيعي من واجباته كمسؤول عن الفريق خصوصاً مع لاعب أتى مجاناً وبفضله حصل ميلان على عقد رعاية من شركة يابانية و 5 مليون يورو من بيع قمصانه في اليابان ..


لست ضد اللاعب أبداً بل احترمه واقدر انضباطه واجتهاده وحرصه على اثبات نفسه لكن مصلحة ميلان أهم من كل شيء ومعه لن تكتمل المنظومة التكتيكية ولن تصل للوضع المثالي الذي نطمح له خصوصاً في ظل وجود لاعبين بإمكانهم التواجد في مركزه وصنع منظومة افضل مثل مينيز وبونافينتورا " على عكس مونتاري مثلاً الذي يلعب كأساسي لعدم وجود لاعب كفؤ في خانته حالياً !


اتقبل مشاركة هوندا كأساسي امام تشيزينا وكييفو وكبديل امام اودينيزي وسامبدوريا لكن كأساسي دائماً حتى امام يوفنتوس و روما واعتباره سوبر ستار الفريق هذا ما لا يمكن قبوله ، نحن هنا نتحدث عن " ميلان " يجب على الجميع إدراك حجم وقيمة هذا الاسم !

هذه قناعتي في اللاعب ولن تتغير حتى أشاهد لاعب قوي يعود للوسط ويأخذ الكرة وينطلق بها ويراوغ ويمرر ولا يفقدها بسهولة ويشارك بفاعلية في الجانب الدفاعي والهجومي .. أما تقديم اداء سيء يغطيه بهدف أو تمريرة حاسمة فهذه ليست مواصفات لاعب مهم وأساسي يرتدي الرقم 10 في ميلان ..


أخيراً دي شيليو .. فعلياً هذا الموسم الثالث للظهير الشاب ومابين 19 إلى 21 عام فاز بجائزة افضل ظهير ايسر في الدوري الايطالي ثم تعرض لعدد من الاصابات بعدها تذبذب مستواه بين الجيد والمتواضع حتى اصبح الان يقدم اداء سيء بشكل متكرر .. مسيرة طبيعية جداً تحصل لمعظم اللاعبين في بداية المشوار لكن هذا لا يعني الالفتات لبعض الاراء الشاذة التي تطالب بسرعة بيعه والاستفادة من سعره المرتفع " 15-20 مليون يورو " للاعب سيتجاوز سعره مستقبلاً 40 مليون إن وجد البيئة المثالية لتطوير موهبته ..


دي شيليو يمتلك كل مقومات الظهير العصري ويكفي أنه اللاعب الوحيد من مدرسة ميلان الذي اثبت نفسه مباشرة في الفريق الأول منذ البرتيني الذي تم تصعيده للفريق الاول عام 88 ومثله بشكل رسمي عام 91 ! .. هو كما أراه مرشح لأن يكون افضل ظهير ايسر بعد باولو مالديني في ميلان ومايمر به حالياً سببه الاول والاخير الوضع السيء للفريق من كافة النواحي ، فلم يجد فريق قوي ومتكامل يساعده على الاستمرارية في الاداء ولم يجد لاعبين كبار يتعلم منهم باالإضافة لعدم الاستقرار الفني حيث تعاقب على تدريبه 3 مدربين في 3 مواسم ..


لاعب شاب في بداية مشواره يحتاج للمساندة داخل ارضية الملعب بتواجد قلب دفاع قوي بجانبه ولاعبين يساندونه سواء من لاعبي الوسط أو الهجوم " الجناح " .. لأن ذلك يمنحه حرية التحرك وقبل كل شيء يمنحه الثقة ويدفعه لتقديم اداء مميز وثابت .. لكن حالياً معظم المباريات يخوضها بجانبه بونيرا وأمامه مونتاري وهنا لا احتاج لشرح الكثير عن سوء هذا الثنائي ..


دي شيليو قدم افضل مستوياته عندما كان الشعراوي في أفضل حالاته وهو أفضل مهاجم في ميلان في المساندة الدفاعية ، وجوده يضيف الكثير لدي شيليو ويساعده على تقديم اداء جيد بعكس مينيز الأقل منه في هذا الجانب ..


انزاجي يجب أن يهتم بهذا اللاعب ويجد التوليفة المناسبة إن لعب بـ 4-2-3-1 عليه ان يضع امامه دي يونج والشعراوي حتى لا يخسر ميلان والكرة الايطالية ظهير من الصعب أن يظهر لاعب بجودته في السنوات الخمس القادمة على الاقل ..


وبالعودة للحديث عن انزاجي واسلوب اللعب .. في حال اكتمال العناصر وعودة المصابين إن كان يريد استخدام 4-2-3-1 فالأفضل استخدامها أمام اندية الوسط والمؤخرة لأن فيها " اسراف هجومي " .. لوبيز مع رباعي الدفاع اباتي - اليكس - زاباتا - دي شيليو وامامهم الثنائي مونتوليفو - دي يونج في الوسط الدفاعي امامهم بونافينتورا اللاعب الفني الحركي التكتيكي الرائع الذي يعود لمساندة الوسط بتميز ويساند الهجوم بنفس الجودة ، وعلى الجناح الايمن مينيز والايسر الشعراوي لتوفر السرعة والمهارة والقوة وبالتالي مساندة دفاعية وانطلاقات هجومية افضل .. كرأس حربة لا خيار سوى توريس وباتسيني بديلاً له ..

الغريب من انزاجي أنه يريد تطبيق هذا الاسلوب لأنه يشابه اسلوب انشيلوتي مع الريال ! .. كان عليه أن يحاكي اسلوب انشيلوتي مع ميلان بإعتماد 4-3-1-2 أو 4-3-2-1 .. الفوارق التكتيكية كبيرة بين الدوري الايطالي والإسباني ، وانشيلوتي لم يتبع هذا النهج إلا في بلد مختلف بعناصر أفضل بكثير من العناصر الحالية لميلان !


بالنسبة لي وكإختيار شخصي " بالعناصر الحالية " أفضل اللعب بـ 4-3-3 بنفس عناصر الدفاع ودخول فان جينكل مع دي يونج ومونتوليفو والاعتماد على خطة المهاجم الوهمي بخط هجوم حركي لا مركزي بالثلاثي مينيز - الشعراوي - بونافينتورا ..


بشكل عام ما نشاهده حتى الان من انزاجي في تغيير اساليب اللعب وتبديل بعض الاسماء والقيام ببعض الخطوات الايجابية والاخرى السلبية هو أمر طبيعي لمدرب مبتدئ يحتاج لوقت حتى يجد التوليفة المناسبة ولا بد أن يخطئ حتى يتعلم من تلك الاخطاء ، الأمر الايجابي والثابت الذي أظهره حتى الان هو حسن تصرفه مع الادارة واللاعبين ومرونته بتغيير بعض اختياراته إن ثبت أنها خاطئة وعدم الإصرار عليها ..

مالفت نظري خصوصاً في مقابلته الأخيرة عندما تحدث عن الخطأ الذي ارتكبه ولن يكرره بخوض مباريات ودية أمام اندية قوية بدأت استعدادها قبل الميلان وهذا مايكلفه نتائج كبيرة قد تؤثر معنوياً على اللاعبين " من النقاط التي انتقدته عليها في بداية الموسم " لكنه الان يكتشفها ويتعلم منها ولا يصر عليها وهذا مؤشر ايجابي ..


موسم اخر للتجربة قد يغيب فيه ميلان مجدداً عن دوري الأبطال رغم بدايته المميزة " كأرقام " فقط لكن قد تخدمه حالة عدم الاستقرار التي تمر بها الاندية المنافسة على المركز الثالث في دوري يضم طرفين ثابتين " يوفنتوس و روما " والبقية مابين الجيد والمتواضع لكن ومع الأسف مازلنا بحاجة للوقت حتى نشاهد ميلان بوضعه الطبيعي بإستقرار فني وإداري لا أراه ممكناً على الاقل في هذا الموسم .

الجمعة، 27 يونيو 2014

ايطاليا .. في الخروج كلكم مذنبون .. !




24 يونيو 2010 : ايطاليا تخسر من سلوفاكيا 3-2 وتودع كأس العالم من دور المجموعات .. بعد 4 سنوات وفي نفس اليوم 24 يونيو 2014 : ايطاليا تخسر من اوروجواي 1-0 وتودع كأس العالم من دور المجموعات ايضاً ! .. من يشاهد هذه المسيرة يجزم أن المنتخب الايطالي انهار ووصل لأدنى المستويات لكن في الوقت ذاته يتراجع عندما يتذكر أن بين البطولتين وصل لنهائي بطولة امم اوروبا ! .. تناقض غريب لكنه معتاد في الكرة الايطالية المليئة بالتناقضات ..



بعد الاخفاق من السهل رمي التهم والتنظير واتهام الجميع بالفشل والحديث عن مدرب سيء ولاعبين متواضعين مضخمين اعلامياً ، في المقابل من السهل الدفاع واعتبار ماحدث مجرد عثرة لم تكن لتحدث لو سجل بالوتيلي الانفراد امام كوستاريكا .. لكن في الواقع ماحدث هو فشل مشروع اشترك فيه الجميع وفي اسوأ الاحوال كان بالإمكان اظهاره بشكل اقل سوء مما شاهدنا في البرازيل ، بالإضافة إلى امور طبيعية لا يملك احد تغييرها ..



اول وأهم اسباب ازمة المنتخب الايطالي هي " الطبيعة " .. ببساطة لا توجد مواهب شابة استثنائية وتحديداً في خط الدفاع .. هناك اسماء مميزة من الممكن العمل عليها وتطويرها لكن من المستحيل لا بالمال ولا بالفكر أن يتم تحويل دي شيليو إلى مالديني - انسيني إلى سينيوري - ايموبيلي إلى باولو روسي .. الخ ، كل جيل تبقى له خصوصيته بعيداً عن المقارنات الغير مجدية والتي تقتل اللاعبين الشباب .. في المقابل لا يمكن بعد أول اخفاق أن نقول عن فيراتي وزملائه انهم فقاعات صنعها الاعلام !! الواقعية مطلوبة وتحديداً في تقييم اللاعبين الشباب ..


ايضاً هناك ازمة ثقة بين الاندية الايطالية واللاعبين الايطاليين الشباب نشأت بعد عدة رهانات خاسرة وسوء لتقييم المدربين لها جعلت الاندية تفضل الرهان على اسماء متواضعة من امريكا الجنوبية بينما تموت العديد من الاسماء الشابة في غياهب الدرجة الثانية ، واكبر مثال على ذلك فيراتي الذي اعتبر المبلغ المطلوب لبيعه من بيسكارا " 13 مليون يورو " ضرب من الجنون ولم يفكر كبار الكالتشيو بدفعه لكن عندما برز وتألق مع PSG اصبح هناك استعداد لدفع اكثر من هذا المبلغ لأجله .. والسؤال ، لولا زيمان أين سيكون فيراتي - انسيني - ايموبيلي الان ؟ وكم من موهبة على غرار هذا الثلاثي مازالت تنتظر زيمان اخر يبرزها للطليان ؟!


عندما ننظر إلى بدايات الجيل الذهبي الاخير للكرة الايطالية نجد أنهم فازوا ببطولة امم اوروبا تحت 21 عام ثلاث مرات متتالية مع المدرب الكبير تشيزاري مالديني .. تلك الالقاب كان ابطالها " بوفون - تولدو - نيستا - كانافارو - توتي - دل بييرو - فييري - انزاجي .. والقائمة تطول " .. هذه الاسماء إضافة إلى امكانياتها الاستثنائية وجدت الدعم من الاندية وفُتح لها المجال من قبل المدربين لكن عندما نشاهد اخر جيل شاب لإيطاليا تألق في اليورو تحت 21 عام ووصل لنهائي البطولة الماضية عام 2013 نجد منهم " فيراتي - فلورينزي - انسيني - ايموبيلي - بوريني .. الخ " فقط اسماء في الوسط والهجوم تواجدت في دوري الدرجة الاولى بينما لاعبو الدفاع مازالوا في جروسيتو - امبولي - تشيزينا - تشيتاديلا وغيرها من اندية الدرجة الثانية ! قد تكون موهبتهم اقل من المطلوب لكن بلا شك هناك اسماء اجنبية في دوري الدرجة الاولى وحتى مع الاندية الكبيرة اقل منهم بكثير !


هناك مراكز تقوم عليها طريقة لعب برانديلي وتحديداً في الاطراف " الظهيرين - الجناحين " .. في يورو 2012 نجح مع ماجيو وبالزاريتي وكلاهما في سن الـ 30 لكن بعد سنتين اختلف الوضع وعانا من اصابات وتراجع في الاداء .. من أين يأتي بظهير وايطاليا بأكملها لا تمتلك سوى دي شيليو الذي بدوره اصيب ولم يعد إلا في المباراة الاخيرة ؟! .. فقط في هذه النقطة اجد بعض العذر له لكن هذا لا يلغي الاخطاء الكارثية التي وقع بها منذ البداية ..


لماذا خسر برانديلي في اسبوعين مجموع ماخسره منذ توليه مهمة تدريب المنتخب في اكتوبر 2010 ؟!


اولاً / تغيير هوية اللعب : الاتحاد الايطالي وبرانديلي حاولا محاكاة الاسلوب الاسباني باللعب الهجومي والاعتماد على الاستحواذ .. ايطاليا تخلت عن هويتها التكتيكية الواقعية في وقت اقتبست فيه منتخبات عرفت بالنهج الهجومي الاسلوب الواقعي الايطالي ! .. من هنا نشأت المشكلة حينما وجد اللاعبون ادوار وطريقة لعب في المنتخب تختلف عما اعتادوا عليه في انديتهم ، ضاعت الهوية فظهرت ايطاليا مشوهة ..


ثانياً / اختيار مكان المعسكر : برانديلي اختار " مانجاراتيبا " مقراً لإقامة المنتخب بها وهي قرية تقع في جنوب البرازيل بينما تقام مباريات ايطاليا في شمالها مما اضطره لقطع 13 الف كلم في المباريات الثلاث وهو ما انتقده عليه الاعلام قبل البطولة وبعض الخبراء مثل اليساندرو التوبيلي الذي وصف ذلك بالأمر الغريب والمؤثر بدنياً وذهنياً على اللاعبين .. نتيجة ذلك مع حرارة ورطوبة الاجواء في البرازيل شاهدنا منتخب غير قادر على الركض في الشوط الثاني ..




ثالثاً / تخبطات برانديلي التكتيكية : طوال مشواره التدريبي لعب برانديلي بأسلوب واحد " 4-3-3 " لكن عندما وصل للمنتخب خرج بتصريح غريب يطالب فيه اللاعبين بأن يكونوا مستعدين لتطبيق 7 خطط ! .. في السنوات الاربع الماضية لم نشاهد المنتخب الايطالي يلعب 3 مباريات متتالية بأسلوب ورسم تكتيكي واحد .. بل وشملت التغييرات العديد من الاسماء ، احياناً للإصابات وتراجع الاداء دور لكن التغيير في العناصر بين اليورو - القارات والمونديال شيء غير معقول !


في كل مباراة هناك طريقة لعب واحياناً العناصر لا تناسب تلك الطريقة .. مثلاً مباراة اوروجواي ، بالغ برانديلي بالتحفظ ولعب بتشكيلة لا تضم لاعب واحد يمتلك السرعة ، كيف بإمكانه أن يصنع هجمة مرتدة في وقت كان يمتلك على الدكة تشيرتشي وانسيني ؟ .. خطأ اخر ارتكبه وهو البداية برأسي حربة داخل المنطقة ومع الاسف كانا معزولين تماماً في ظل غياب لاعب يربط الوسط بالهجوم حيث الجميع بخصائص دفاعية اكثر منها هجومية .. كذلك اشراك فيراتي مع بيرلو وهي مسألة راهنت على فشلها قبل المونديال وسط اعتراضات البعض وبالفعل ثبت أن هذا الثنائي لا يمكن أن يجتمع في تشكيلة واحدة ، زحمة في الوسط وتداخل للأدوار مع هجوم معزول ودفاع مكشوف يغلف ذلك حالة بدنية وذهنية سيئة لذلك شاهدنا اداء بطيء عقيم بحلول معدومة .. حتى التغييرات كانت سيئة ، دخول لاعبي ارتكاز ومهاجم بطيء " كاسانو " ! اسوأ مباراة في مشوار برانديلي التدريبي ..


رابعاً : غياب الروح .. تاريخياً اشتهر المنتخب الايطالي بالروح والقتالية بما يعرف بـ " الجرينتا " ، كانت العلامة المميزة للاتزوري عن باقي المنتخبات وبفضلها قهر ظروف وخصوم اقوى منه والامثلة عديدة ومعروفة .. بدون رغبة وقتالية لا يمكن لأي مجموعة أن تفوز وتزيد هذه الاحتمالية عند ايطاليا بالذات .. ما اتضح بعد الخروج من مشاكل وانقسام في غرفة الملابس وفشل برانديلي في السيطرة على الوضع أوضح سر غياب الروح التي لم تظهر إلا في مباراة انجلترا وهذا النوع من المباريات كما يقول بوبان تحفز اللاعبين تلقائياً دون الحاجة للمساعدة من أحد ، بينما امام كوستاريكا واوروجواي شاهدنا لاعبين غير متحدين يلعبون بلا رغبة وهذا من اهم اسباب السقوط .. نقطة يتحملها برانديلي اولاً ثم اللاعبين وتحديداً بعض العناصر المعروف عنها قلة الانضباط واللامبالاة وعدم تحمل المسؤولية ..

انقسام في غرفة الملابس - تمرد لاعبين وتدخل اخرين في التشكيلة - توتر وتغييرات متكررة في التشكيلة واسلوب اللعب كل تلك الامور كشفت جانب سلبي في شخصية برانديلي ..


هذه النقاط الاربعة برأيي كانت اهم عوامل الخروج المفاجئ من الدور الاول .. المشروع والمواهب وازمة الاندية لها تأثير لكنها بلا شك ليست مبرر للخروج في مجموعة تأهلت منها كوستاريكا التي لا تملك مواهب خارقة ولا اندية قوية ولا اموال ..


إجمالاً .. ايطاليا سقطت في المونديال لكن ايضاً سقطت اسبانيا وانجلترا والبرتغال بمواهبها وانديتها واموالها ، الخروج لا يجب أن يكون نقطة نهاية بل يجب اعتباره نقطة بداية للمدرب الجديد الذي سيجد امامه عدد من الاسماء الجيدة جداً والتي بإمكانها تكوين منتخب محترم يعيد لإيطاليا شيء من هيبتها في المونديال القادم ، على أمل ان تحمل السنوات القليلة القادمة مفاجآت بظهور مواهب حقيقية تعيد الاتزوري لمكانه الطبيعي على منصات التتويج ..


ايطاليا يجب أن تعود أولاً لهويتها .. اللعب الواقعي وتكوين منظومة دفاعية صلبة " مهما كانت الاسماء " مع بناء هجمات مرتدة سريعة ، اما اسلوب الاستحواذ فله مدارسه وبلدانه .. نقطة يجب أن يعيها الطاقم الإداري والفني الجديد للمنتخب ..


سيريجو - دي شيليو - رانوكيا - فيراتي - جورجينيو - انسيني - ايموبيلي - ديسترو وربما الشعراوي و بيراردي .. اسماء تستحق الاهتمام ويمكن أن يتم عليها بناء منتخب شاب جديد لن يصل لمستوى جيل 2006 لكن يمكنه مقارعة منتخبات 2014 فـ كرة القدم تغيرت ومانشاهده في المونديال الحالي امتداد لما شاهدناه من اتلتيكو مدريد و بوروسيا دورتموند ، كرة القدم اصبحت لعبة جماعية يتغلب فيها من يمتلك منظومة تكتيكية قوية لا من يمتلك اسماء رنانة .


الثلاثاء، 10 يونيو 2014

علاقة 12 عام تنتهي بـ " ايميل " .. !






رسمياً اعلنت ادارة الميلان عن اقالة كلارنس سيدورف من تدريب الفريق بعد فترة قصيرة جداً من استلامه المهمة ، اقالة توقعتها شخصياً في مقال سابق عند اعلان تسليمه مهمة تدريب الفريق ذكرت فيه تحديداً " مشوار سيدورف مع ميلان سينتهي بإقالة " .. في الواقع لم أكن اتصور انها ستتم بعد 4 اشهر فقط بل في الموسم المقبل وبطريقة افضل مما حدث ..


بيرلسكوني في تصريح سابق : " سيدورف بطل عظيم ، أود رؤيته في ميلان حتى يصل لسن الخمسين " ! .. الكل يعرف مدى اعجاب بيرلسكوني بالنجم الهولندي وثقته الكبيرة فيه ، يوضح ذلك مدة العقد الذي تم منحه لسيدورف عند التعاقد معه .. ولكن ، ما الذي حدث وتسبب بإنهاء علاقة الحب بتعامل جاف وإقالة بـ " ايميل " ! وانهاء الثقة بعد 4 اشهر فقط ؟!


لو قمنا بتحليل الموضوع من البداية سنجد أن مايحدث الان هو نتاج انقسام اداري نشأ منذ قدوم باربرا التي بمجرد وصولها لإدارة الميلان بدأت بحرب كبيرة ضد جالياني انهاها بيرلسكوني ودياً بوضع كل طرف في مجال بعيد نوعاً ما عن الاخر ..


سيلفيو - باربرا - جالياني .. من منهم الاقرب للفريق والاكثر متابعة ودراية بكل تفاصيله ؟ بالتأكيد جالياني ، بينما بيرلسكوني ظل بعيداً لسنوات لا يعرف إلا الامور الظاهرية ولا يقوم بزيارة الميلانيلو إلا في ايام معدودة من الموسم ، كذلك الحال لباربرا التي ظهرت فجأة ولا تملك أي مؤهلات لتقييم امور الفريق لذا تم ابعادها لاحقاً وتكليفها بالأمور المالية ..


جالياني لم يكن مقتنع بإقالة اليجري ومع ذلك وافق على أن تنتهي العلاقة معه في نهاية الموسم بعد أن لاحظ استحالة الاستمرار مع رفض الرئيس المتكرر له .. جالياني فقط كان ضد تعيين سيدورف وكان يفضل عليه دونادوني وانزاجي .. بمتابعته واطلاعه على تفاصيل الفريق وعلمه التام بشخصية سيدورف كان يرى ان هناك شيء يجعله الشخص الغير مناسب وفعلاً ماحدث لاحقاً في الـ 4 اشهر اثبت ذلك ..


سيدورف كان لاعب عظيم بإمكانيات غير عادية لكن واجه مشاكل عديدة في معظم محطاته الكروية اثرت على استمراريته وكان يتنقل بإستمرار ، كذلك الحال مع المنتخب وهذا يفسره زميله في المنتخب الهولندي فان در سار بأن كلامه الكثير في غرفة الملابس سبب له عدة مشاكل مع المدربين ..


سيدورف ذكي ويفهم كرة القدم لكن لديه قناعة بأنه لا يخطئ ومن حقه التدخل في عمل الاخرين ، في المقابل يرفض التدخل في عمله .. من هنا نشأت المشكلة وماذكره تقرير لاجازيتا من حقائق يكشف سر تردي العلاقة بين الادارة والمدرب .. فلا يمكن أن تأتي للمساعد وتطلب منه عدم التدخل وتخبره بأن تعليماتك لا توجه له بشكل مباشر وإنما ترسل له عبر الايميل - تذهب لمقابلة الكورفا والمستثمرين وتخرج في مقابلات اعلامية ، كل ذلك دون علم الادارة .. هذا ماظهر في الاعلام وربما تغيب عنا تفاصيل اكثر سوء ..


الامر لم يقتصر على الادارة فقط بل حتى غرفة الملابس .. ماسمعناه من تقارير اعلامية متكررة حول توتر العلاقة والانقسام في الفريق بين مؤيد لسيدورف ومعارض له اتضح بعد تصريحات بعض اللاعبين حوله اخرهم دي شيليو الذي كشف عن أن سيدورف لم يكن يستمع لهم ..


سيدورف أراد أن يعمل بطريقة المدير الفني المتبعة في انجلترا ولم يدرك حجم الاختلاف بين الثقافة الانجليزية والايطالية بالرغم من أنه قضى معظم مشواره الكروي في ايطاليا وكان من الواجب عليه الالتزام بمبادئ وقواعد الميلانيلو " اعظم مركز تدريبي في العالم " .. قوانين التزم بها قبله مدربين عظماء ولا يعتبر ذلك ضعف شخصية او قلة ثقة بل ذكاء ومرونة اجمع عليها عمالقة امثال كابيلو - ساكي - تراباتوني عند حديثهم حول اهمية تحلي المدرب في ايطاليا بمرونة في تعامله مع ادارات الاندية وإلا سيخسر منصبه بسهولة ..


لو كان الامر يتعلق بالأمور الفنية بلا شك ستجد الادارة العذر لسيدورف وتمنحه الفرصة لموسم اخر لكن ماحدث اكبر من ذلك .. لم يكن هناك مجال للعمل بين ادارة ومدرب يعمل كلاً منهم بأسلوب وفكر مختلف تماماً عن الاخر .. وعلى ذلك نشأ شرخ في العلاقة انهى مسيرة سيدورف بشكل مبكر يتحمل منه جزء كبير بقبوله المهمة في وقت سيء وظروف سيئة ثم اصطدامه مع الادارة ، في المقابل تتحمل الادارة ايضاً مسؤولية ماحدث نتيجة انقسامها وعشوائيتها وهذا مايوضحه تراجع بيرلسكوني عن رأيه واعترافه بالخطأ لأول مرة في تاريخه عندما قال : " استعجلت في اقالة اليجري " .. كلمة لا تعكس رغبته في المدرب التوسكاني بقدر خيبة امله مما حدث مع سيدورف ..


اذاً الاقالة لا تتعلق بالأمور الفنية والتي لم يقنع فيها سيدورف كذلك ، نتذكر كيف وصل ليوناردو بالفريق إلى دوري الابطال لكن ذلك لم يحميه من الاقالة بسبب صدامه مع بيرلسكوني .. في المقابل انزاجي لن يقال بطريقة سيدورف كونه يعرف كيف يتعامل مع الادارة بمرونة ، يحاول ان يطرح عليهم افكاره ويتقبل افكارهم بطريقة ودية كما كان يفعل انشيلوتي المدرب صاحب اطول مسيرة تدريبية مع بيرلسكوني والذي خاض معه سيدورف اطول مسيرة في مشواره كلاعب ، كل ذلك يعود لشخصيته المميزة المرنة وحكمته في ادارة الامور بالعقل بعيداً عن العناد وفرض الرأي وهذا ما أكده مؤخراً في اول مواسمه مع الريال ..


هناك من يتحدث عن نتائج مميزة ومسيرة ناجحة لسيدورف اثناء تدريبه لميلان وهذا غير صحيح .. ميلان معد بدنياً بطريقة تمكنه من الاحتفاظ بمعدل لياقة عالي في الدور الثاني الذي تفقد فيه معظم الاندية هذه الميزة وتحديداً اندية القسم الثاني من الترتيب والتي لا تعتمد إلا على العامل البدني .. معظم نتائجه الايجابية أتت امامها ..


بالأرقام : مع سيدورف لعب ميلان 22 مباراة - فاز 11 - تعادل 2 - خسر 9 - سجل 28 - دخل مرماه 26 هدف ..


مع سيدورف اقنع الفريق في مباراتين او ثلاث فقط ، عدا ذلك حتى وإن فاز لم يكن يمتلك هوية واضحة في الملعب ولا اسلوب تكتيكي .. فريق بطيء يستحوذ دون خطورة على المرمى - دفاع مكشوف وهزيل - تراجع كبير في اداء وتقييم كل العناصر بلا استثناء بفضل غياب الانضباط التكتيكي ، فقط .. برز بشكل واضح وصنع الفارق من اعتمد على فردياته واعني هنا عادل تاعرابت !


إن كان ميلان مع سيدورف في الدور الثاني قد حل ثالثاً بعدد النقاط " 35 نقطة " فالموسم الماضي في الدور الثاني حل ثانياً خلف يوفنتوس بنقطة واحدة فقط بعد أن جمع 42 نقطة ويوفنتوس 43 ..


الضعف التكتيكي اتضح عندما واجه ميلان اندية حاضرة بدنياً وتملك مدربين مميزين تكتيكياً .. لا نتحدث هنا عن اندية لديها عناصر افضل مثل يوفنتوس - روما - نابولي ولو ان الفريق كان بإمكانه الظهور امامهم بشكل افضل لكن أن يخرجك اودينيزي من الكأس في ملعبك ويكرر فوزه عليك في الدوري - يسقطك بارما في سان سيرو بالأربعة - تخسر ذهاباً واياباً في دوري الابطال امام فريق واحد حتى وإن كان هذا الفريق بطل اسبانيا و وصيف اوروبا فهذا يوضح ان هناك خلل ما ..


ميلان في اخر 20 عام خسر في دوري الابطال ذهاباً واياباً امام فريق واحد مرتين فقط .. مع ليوناردو امام مان يونايتد ومع سيدورف امام اتلتيكو مدريد .. عن أي نتائج مميزة ومسيرة ناجحة نتحدث ؟!


هذا الخلل الفني والتكتيكي أمر بديهي متوقع ولا يمكن أن يحدث عكس ذلك .. فلا الوقت ولا الظروف كانت ستساعد أي مدرب اخر فكيف بمدرب يعيش اسابيعه الاولى في هذه المهنة المعقدة !


بإختصار .. الادارة اخطأت واستعجلت بتعيين سيدورف وهو اخطأ باساءته التصرف وعدم التزامه بالقواعد المطلوبة والتي لو التزم بها لحافظ على مقعده موسماً اخر كان سينتهي بالإقالة ، فالميلان بحاجة لمدرب بإمكانيات افضل بكثير من سيدورف وانزاجي وقبل ذلك بحاجة لعناصر افضل من انصاف اللاعبين المتواجدين حالياً ..


اختم بتصريح " الصريح " بوبان وتقييمه لهذه التجربة : " تجربة سيدورف التدريبية لم تنجح وهذا أمر متوقع ، كان خياراً سيئاً لميلان واسوأ لسيدورف .. رائع كلاعب ورائع كشخص يفهم كرة القدم لكن كمدرب بحاجة للوقت وقد ينجح في المستقبل " .



















الجمعة، 28 فبراير 2014

الدوري الأفضل في العالم ، جدلٌ لا ينتهي .. !




لا يكاد يمر موسم دون أن يعود الجدل القائم منذ عدة سنوات وتحديداً عام 2005 حول الدوري الافضل في العالم .. والمقارنات تتم دائماً بين محبي اكبر ثلاث بطولات دوري في العالم " الدوري الايطالي - الاسباني والانجليزي " ولكل فئة مبررات وعوامل تستند عليها لتأكيد افضلية الدوري المفضل بالنسبة لها بالرغم من أن الاعلام بات يستبعد الكالتشيو ويحصر المنافسة بين البريمير " الذي يعتبره الافضل " ثم الليجا .. والان تعود المقارنة من جديد خصوصاً بعد النتائج المخيبة للأندية الانجليزية في ذهاب الدور ثمن النهائي لدوري الابطال ..

محب الكالتشيو يرى في التكتيك العالي وتقارب المستويات وصعوبة كل مباراة حتى تلك التي تجمع المتصدر بمتذيل الترتيب عامل مهم يتفرد به الدوري الايطالي الذي يعتبر الاصعب بلا شك بين باقي البطولات ، بينما يرى محب الليجا سيطرة نجومه على جوائز الفيفا والمتعة التي يقدمونها مع تواجد اهم مباراة في العالم حالياً " برشلونه × ريال مدريد " عامل يكفي الدوري الاسباني لأن يكون الافضل وهو فعلاً اكثر دوري يقدم " استعراض " كروي ، اما محب البريمير ليج يتغنى بالاثارة والرتم السريع الذي يميز مباريات الدوري بلا استثناء بالإضافة للملاعب الحديثة والزخم الاعلامي الهائل الذي يحظى به دوري الانجليز وهي ميزة لا ينكرها أي متابع ..

من خلال هذه العوامل و " القناعات " نشأ جدل لن ينتهي ، تتمسك فيه كل فئة بقناعاتها ومعها لا يمكن أن يصل الجميع لنقطة اتفاق حول هذا الامر فالموضوع بات قناعة واختلاف اذواق .. ولكن !


ماذا لو نظرنا للجانب الاخر وقمنا بمقارنة بين وضع وقيمة ومستوى كرة القدم حالياً مقارنة بالسابق وتحديداً قبل منتصف الالفية الجديدة ؟ بلا شك سنجد اختلاف كبير وتراجع هائل على كافة الاصعدة فلا المواهب باتت بنفس الجودة ولا مساحة التنافس ممتدة بين عدة اندية أومنتخبات حتى المتعة الحقيقية غابت عن معظم مباريات اهم وأقوى بطولتين في العالم " كأس العالم - دوري ابطال اوروبا " ..

نظرة ومقارنة سريعة لو قام بها أي متابع بين كأس العالم 2010 في جنوب افريقيا وكأس العالم 1998 في فرنسا سيجد المقارنة معدومة بين البطولتين فنياً وتنافسياً وانتشار النجوم بين معظم المنتخبات المشاركة في البطولة الذي تميز به مونديال 98 ..

وكذلك الحال بالنسبة لدوري ابطال اوروبا الذي بات يقدم مباريات متواضعة اتسعت فيها الفروقات وانعدم فيها التنافس ولم نعد نشاهد دور كامل متكافئ إلا في نصف النهائي ، ومانشاهده هذا الموسم في دور الـ 16 من مستويات متدنية وغياب تام للإثارة والتكافؤ تأكيد على ذلك ..




هذا التراجع لا بد أن تكون له اسباب توضح أن هناك خلل ما .. ولو نظرنا لكل دوري سنجد له عيوب تمنعه من الانفراد بالأفضلية وبالإجماع .. مثلاً :  الكالتشيو جودة انديته تراجعت بسبب الازمة الاقتصادية ولم يعد الوجهة الاولى للنجوم ولم يعد بإمكانه المحافظة على نجومه بالإضافة لتراجع مردود انديته اوروبياً .. جالياني لخص حال الكالتشيو بكلمات بسيطة : " الكالتشيو تحول من مطعم فاخر إلى مطعم بيتزا " ..

الليجا يمكن اعتبارها بطولة " كأس " لا دوري لأن البطل غالباً يتم تحديده من خلال مواجهتي الكلاسيكو .. فريقان فقط ينفردان بالمنافسة و 90% من مبارياتهما تنتهي مع نهاية الشوط الاول وبرقم قياسي من الاهداف وينهيا الموسم برقم قياسي من النقاط يتجاوز الـ 100 نقطة .. عن ذلك يقول شوستر : " الليجا بطولة مكونة من فريقين ونصف " ..

 بينما نلاحظ في البريمير ليج التراجع الكبير في مردود انديته في دوري الابطال خلال الفترة الحالية وفي اليوروبا ليج طوال العقد الماضي وهو مايؤكد تواضع اندية الوسط هناك كما أن انديته تستقطب النجوم دون تطويرهم ، نظرة على الفائزين بالكرة الذهبية او الحذاء الذهبي " سابقاً " تؤكد هذا الامر ..  يقول روي كين : " الدوري الإنجليزي أفضل علامة تجارية لكنه تراجع كثيراً ، سيطرت على عقولنا فكرة أن الدوري الإنجليزي الممتاز هو الأفضل في العالم لكن هذا هراء"  ..

مما سبق يتأكد لنا عدم الجزم بمقولة " الدوري الافضل " وأن الموضوع غير محسوم لمصلحة دوري معين بعكس ماكان عليه الحال منذ بداية الثمانينات وحتى منتصف الالفية تقريباً حيث لم يكن هناك أي نقاش حول هذا الموضوع ، بالإجماع كان الدوري الايطالي هو الافضل وحتى محبي البريمير والليجا ممن عاشوا تلك الحقبة وخصوصاً التسعينات يدركون أن الكالتشيو كان يغرد خارج السرب ..

لماذا نجح الكالتشيو في التفرد بالأفضلية لأكثر من عقدين وفشل غيره ؟ ولماذا وصلت كرة القدم لأفضل مستوياتها عندما كان الكالتشيو الافضل وتراجعت بتراجعه ؟!

لإيطاليا خصائص تتفرد بها عن البقية ، هي المعقل الحقيقي لكرة القدم حيث العمل الاستثنائي والتركيز على ادق التفاصيل دون ترك شيء للصدفة .. لذا تعتبر ايطاليا الاكمل كروياً فهي البلد الوحيد الذي امتلك منتخب كبير ضمن افضل 3 منتخبات في العالم - دوري قوي ضمن افضل 3 دوريات في العالم مع تاريخ مرصع بالألقاب للمنتخب والاندية - انجبت لاعبين اساطير في مختلف المراكز - اكبر بلد مصدّر للمدربين الكبار .. تلك المنظومة لم تكتمل من فراغ ..

ليس من باب الصدفة ان تكون ايطاليا البلد الوحيد الذي حقق 4 كؤوس عالم بعناصر جميعها تلعب في الدوري المحلي !

وهذه اول ميزة للكالتشيو .. لم يعتمد على الاجانب بشكل مبالغ فيه كما هو حال البريمير ليج مثلاً والذي لا تتجاوز نسبة اللاعبين الانجليز فيه 25% ..

الميزة الثانية تطوير اللاعبين .. يعتبر الكالتشيو البيئة الامثل لتطوير المواهب ، من لعب فيه يدين بالفضل له دائماً مؤكداً انه تعلم الكثير هناك وبأنه المقياس الحقيقي للنجومية .. قد تكون شهادة الطليان مجروحة في دوريهم المحلي لكن ماذا عن النجوم الاجانب الذين لعبوا في ايطاليا ؟





العديد من التصريحات يتم تداولها ويعرفها الجميع وللإختصار سأذكر منها تصريح واحد لقائد منتخب المانيا الفائز بكأس العالم 90 ..

ماتيوس : " في ايطاليا اصبحت افضل لاعب في العالم ، إذا اراد أي لاعب تحقيق ماحققته انصحه باللعب هناك " .

هذه عينة بسيطة من عدة اعترافات ادلى بها نجوم كبار كثر حول ما اضاف لهم الكالتشيو وساهم بنضجهم وتطورهم فنياً - ذهنياً - بدنياً وحتى على المستوى الشخصي .. تلك الخاصية مازالت في الكالتشيو رغم تراجعه حيث لم يعد ببريق الماضي لعجزه عن الاحتفاظ بنجومه او استقطابهم من الخارج ، على سبيل المثال يقول لويس فيجو المنتقل للإنتر عام 2005 : " لم اتصور الكالتشيو بتلك القوة ، التدريب هناك يختلف عن اسبانيا بمقدار 0 إلى 10 " .

ويقول برينس بواتينج : " الاعلام كان يتحدث عن أن الدوري الانجليزي الاكثر قوة والاسباني الاكثر مهارة لكن وجدت الميزتين في الكالتشيو " .

بينما لا ينكر مورينيو فضل الكالتشيو : " في ايطاليا تعلمت الكثير تكتيكياً ، هناك عندما اقوم بإراحة لاعب واحد في المياتزا اعاني وقد افشل بالفوز بينما في تشيلسي خارج الستامفورد بريدج اقوم بإراحة 6 لاعبين وافوز " .

في ايطاليا ينضج اللاعب بفضل الإعداد البدني والذهني الغير عادي المتبع هناك  ، تراباتوني في تصريح قبل عدة ايام يقول : " الكالتشيو ليس الاجمل ولكنه الاقوى والاصعب فنياً ونفسياً " .. هناك يواجه المهاجم خطط دفاعية معقدة تساعده على التطور وكذلك المدافع يتواجد ضمن منظومة دفاعية محكمة تساهم في تطوير قدراته وكل ذلك يتطلب موهبة قبل كل شيء ، وبشكل عام الطرق التكتيكية المعقدة والمنوعة في ايطاليا وطرق التدريب والتحضير البدني والنفسي امور تساهم في تطوير اللاعب بطريقة لا يمكن أن يجدها في مكان اخر .

في ايطاليا لا ينضج اللاعب فنياً فقط .. الحديث والجدل الاعلامي والضغوطات تستمر طوال الاسبوع بينما في مكان اخر الحديث يبدأ قبل المباراة بيوم وينتهي بعدها بيوم ، عامل اخر يساعد على نضوج شخصية اللاعب كما انه يصنع اثارة مضاعفة للدوري .

هناك انطباع لدى الكثير عن أن الكالتشيو كان مجرد دوري دفاعي وهذا الامر غير صحيح ومأخوذ من خلال اداء المنتخب الايطالي الذي يميل للدفاع .. لكن مايميز هذا الدوري تعدد اساليب اللعب وهو مايضيف عليه جمالية اكبر .. هناك اندية " تاريخياً " تميل للأسلوب الدفاعي مثل يوفنتوس - انتر واندية تميل للاداء الواقعي بالإنضباط التكتيكي مع اداء هجومي مثل ميلان وهناك من يميل للعب الاستعراضي الهجومي مثل روما - فيورنتينا وسابقاً لاتسيو - بارما .. لذا عندما وصف مارادونا ايطاليا في الثمانينات والتسعينات بأنها جنة كرة القدم اضاف نقطة غاية في الاهمية : " كل جولة في الكالتشيو كانت بمثابة جولة في كأس العالم " ..

كل تلك الامور جعلت الكالتشيو الافضل بلا منازع لأكثر من 20 عام قبل الازمة الاقتصادية والنتائج تثبت ذلك .. ويمكن أن نلخص ابرز ما كان يميز الكالتشيو عندما كان الافضل في العالم في بعض النقاط ..







اولاً / المنتخب الايطالي في تلك الفترة : بطل العالم مرتين - الوصيف والثالث مرة .

ثانياً  / الاندية الايطالية تألقت في اوروبا " 14 مرة في نهائي دوري الابطال - 10 مرات في نهائي كأس الاتحاد - 6 مرات في نهائي كأس الكؤوس " .

ثالثاً  / السيطرة على جوائز الفيفا والاتحاد الاوروبي : 8 حذاء ذهبي " افضل لاعب في العالم " و 15 كرة ذهبية " افضل لاعب في اوروبا ..

رابعاً  / حدة التنافس والتقارب النقطي حيث اشتهر الكالتشيو حينها بمصطلح " الاخوات السبع " إشارة لوجود 7 اندية قوية تنافس على الالقاب وهي " ميلان - يوفنتوس - انتر - روما - لاتسيو - فيورنتينا - بارما " وقبل ذلك كان هناك نابولي وسامبدوريا .. تلك الفترة توجت 8 اندية بالسكوديتو وهذا يوضح اتساع رقعة التنافس ..

خامساً  / حسن التصرف في التعاقدات .. الاندية الايطالية تبني فرقها على المدى البعيد تدريجياً وفق أسس واضحة ومنظمة دون تعاقدات عشوائية كما تفعل معظم الاندية الانجليزية والاسبانية في الوقت الحالي خصوصاً تلك التي تملك المال حيث يتم شراء 3 او 4 لاعبين موهوبين في مركز واحد يتم القضاء على مواهب البعض منهم إما على الدكة او بالإعارات لعدة اندية لا تساعد على تطويرهم وهذا من اهم عوامل تراجع كرة القدم حالياً حيث نشاهد فريق يستحوذ على عدد كبير من النجوم بعكس السابق كانوا منتشرين بين العديد من الاندية حتى المتوسطة منها .

سادساً  / لا يمكن تغافل حضور وتفاعل الجماهير وهو عامل يضيف جمالية لأي دوري ، اجواء ملاعب ايطاليا عندما تكون ممتلئة بالجماهير لا يمكن مقارنتها مع الملاعب الانجليزية والاسبانية .. نتذكر انتقادات فيرجسون لسوء تفاعل جمهور فريقه وكذلك فعل مورينيو عندما طالب جماهير الريال بأن تكون مثل جماهير انتر .. والامثلة كثيرة .

كل تلك العوامل اجتمعت فقط في الكالتشيو منذ بداية الثمانينات وحتى منتصف الالفية لذا كان بالإجماع الدوري الافضل .. والان ، هل نجد هذه العوامل مجتمعة سواء في الدوري الايطالي او الانجليزي او الاسباني ؟ بالطبع لا .. اذاً مقولة الدوري الافضل في العالم انتهت ولن تعود وتعود معها قيمة ومتعة كرة القدم الحقيقية إلا بعودة الدوري الايطالي كـ قوة اقتصادية ووجهة أولى للنجوم ، وحتى ذلك الحين ليستمتع كلاً منا ببطولته المفضلة ولنترك المقارنات والجدل الغير مجدي جانباً .

الثلاثاء، 14 يناير 2014

فوضى ميلان لا يرتبها المبتدئون .. !


مرحلة ضبابية جديدة يدخلها ميلان في عصر الضياع الذي يعيشه منذ أن فاز بـ آخر لقب اوروبي عام 2007 وسط مكابرة من الرئيس سيلفيو بيرلسكوني العاجز عن مجاراة التضخم الاقتصادي الهائل الذي تعيشه كرة القدم حالياً .. عجز تأكد للجميع عندما لم يتمكن من الحفاظ على لاعب بقيمة ابراهيموفيتش لأكثر من موسمين وهذا يحصل لأول مرة في عهده .. وفي كل مرة يظهر ليؤكد أن ميلان في قلبه ولو كان ذلك حقيقياً لحاول انقاذه بتسليمه لمستثمر ينعش النادي اقتصادياً ويعيده لمقارعة كبار اوروبا .. حب حقيقي اثبته ماسيمو موراتي عندما ايقن أن " معشوقه " انتر لن يكون بحال جيدة معه فقرر بيعه لكي ينهض من جديد ..

بعد معجزة اليجري الموسم الماضي لم يكتفي بيرلسكوني بعدم ضخ الاموال وتدعيم صفوف الفريق بلاعبين مميزين بل زاد معاناة النادي بإقحام ابنته باربرا التي زادت معاناة ميلان الفنية لتشمل الادارة .. حرب شرسة مع جالياني - ميزانية ضعيفة - انتدابات متواضعة - غياب تام لدعم الفريق فنياً ومعنوياً بل وزاد الامر سوء تهديد المدرب في اكثر من مناسبة بالإقالة ، وسط كل تلك المشاكل كان الرئيس يطلب المستحيل بالقتال على جميع الجبهات " دوري - كأس - تشامبيونز " وكانت النتيجة ضياع فني وذهني راح ضحيته العلامة المضيئة الوحيدة في الفريق " ماسيميليانو اليجري " .. !!




ميزانية متواضعة - فوضى ادارية - فريق منهار نفسياً يقبع في المركز الحادي عشر وتنتظره مواجهة صعبة في دوري الابطال امام المتطور اتلتيكو مدريد - فريق بلا قائد حقيقي - عناصر لا تستحق سوى تمثيل اندية الوسط .. كل تلك الظروف سيواجهها مدرب اعلن اعتزاله اللعب قبل ساعات ، لم يحصل على أي دورات تدريبية ولم يسبق له العمل في هذا المجال .. سيدورف قبِل مهمة سيفشل فيها كابيلو - ساكي - ليبي وغيرهم من عمالقة التدريب ..

سيدورف رهان اسوأ من رهان ليوناردو .. البرازيلي توفرت له اسماء كبيرة مثل نيستا - سيلفا - جاتوزو - سيدورف - رونالدينيو - انزاجي - باتو .. لكن قلة خبرته خذلته ولم تشفع له السنوات الطويلة التي قضاها كلاعب ثم كإداري ناجح ومميز جداً بل أن بيرلسكوني أول من تخلى عنه واقاله وهكذا سيفعل مع سيدورف إن ساءت النتائج ولن يعترف بأن الخلل في ميلان اكبر من أن يتحمله مدرب ..

المشجع الميلاني البسيط والمحبط يهلل لأي اسم قادم على أمل ان يقدم شيء لكن من ينظر للأمور بعمق اكبر ويحلل ادق التفاصيل يدرك أن ميلان بحاجة لـ ثورة حقيقية تبدأ من تغيير السياسة الحالية للنادي .. ميلان لن يعود مع مدرب جديد  بصفقات مجانية وبعض الرهانات على اسماء شابة .. بل سيعود ويخرج من ازمته كما فعل في 2002 بإنفاق اكثر من 130 مليون يورو والتعاقد مع اسماء عالمية في كافة الخطوط وهذا مالن يستطيع بيرلسكوني فعله وربما تزداد الامور سوء ويرحل جالياني لينتهي كل ماهو مميز في ميلان ..



نعود للحدث الابرز حالياً وهو المدرب الجديد .. هل تذكرون مدرب واحد فقط نجح في قيادة فريق كبير دون أن تكون له تجربة في المجال التدريبي ؟ بالطبع لا .. حتى من استلم مهمة تدريب فريق كبير في وقت مبكر من مسيرته التدريبية توفرت له تشكيلة استثنائية " ساكي وكابيلو مع ميلان - جوارديولا مع برشلونه " امثلة بسيطة ..

هناك امور يحكمها المنطق قبل كل شيء .. ومن خلال نظرة عامة على بعض النقاط يتضح خطأ تولي سيدورف مهمة تدريب ميلان حالياً ..

اولاً / انعدام الخبرة : لا يمكن لمدرب أن يبدأ مباشرة من الخطوة الاخيرة .. ميلان من المفترض أن يكون محطة سيدورف التدريبية بعد 5 سنوات على أقل تقدير .. خلالها يكون قد بدأ كمدرب في الفئات السنية أو تدرج مع اندية الدرجة الثالثة والثانية في ايطاليا حتى يتمكن من معرفة بيئة التدريب في دوري معقد وصعب تكتيكياً .. ومايؤكد ثقل المهمة على سيدورف رغبته بالإستعانة بمدربين للخطوط الاخرى " ستام للدفاع - كريسبو للهجوم " .. لاحظوا مدرب المدافعين المرشح ! هولندي قضى سنتين في مكان قضى فيه مالديني 24 عام - باريزي 20 عام - كوستاكورتا 21 عام ونيستا 10 اعوام ، مهما كانت قيمة ستام فـ لا يمكن أن يمتلك عقلية اكبر من اساطير بلد الدفاع .. ميلانيلو للأسف سيتحول إلى حقل تجارب للمدربين المبتدئين !

ثانياً / اختلاف الثقافة : قضى سيدورف معظم مشواره في ايطاليا لكنه سينتمي دائماً للفكر الهولندي الذي نشأ فيه والكل يدرك الاختلافات الكبيرة بين المدرستين الايطالية والهولندية .. سيدورف أول مدرب هولندي في تاريخ الكالتشيو وهذا تأكيد على عدم التوافق بين الفكر الهولندي والكالتشيو الذي يتطلب اولاً وقبل كل شيء " تنظيم دفاعي محكم " لا يمكن أن يحدث مع المدرسة الهولندية الهجومية ..

ثالثاً / عدم توفر عناصر تساعد على نجاح أي مدرب حتى لو امتلك الخبرة .. سيدورف مهما كانت خططه لن يتمكن من تطبيقها مع الاسماء الحالية في ميلان .. والبوادر لا تبشر بأي تحسن في جودة الفريق بداية بإتمام نابولي الاتفاق مع نجم وسط فيرونا " جورجينيو " المتابع من ميلان والذي طلبه سيدورف بحسب بعض الاخبار ، قيمة اللاعب 7.5 مليون يورو فقط !  ابقاء اميليا ثم تمديد عقد ايمانويلسون مع ظهور انباء عن امكانية ابعاد افضل لاعب في الفريق عن التشكيلة " دي يونج " .. والقادم ربما اسوأ !

رابعاً والأهم / ما الهدف المطلوب من سيدورف ؟ .. حتماً لن يحصل على المركز الثالث ولا يمكن مطالبته بأي انجاز حتى الكأس أو تجاوز اتلتيكو مدريد .. لكن في الموسم القادم سيطلب بيرلسكوني " دون تعاقدات كبيرة " المنافسة على السكوديتو و في اسوأ الاحتمالات المركز الثالث .. كيف سيتفوق سيدورف على كونتي - بينيتيز - جارسيا مع فرقهم التي تتطور بإستمرار ويتم دعمهم في كل ميركاتو بأسماء مميزة ؟ ميلان يحتاج على الاقل لموسمين حتى يصل إلى " المستوى الحالي " لـ ثلاثي المقدمة أو القيام بميركاتو تاريخي وهذا امر مستبعد تماماً .. لا ننسى كذلك انتر مع توهير ، سيكون له حضور افضل في الميركاتو ..

وسط كل تلك الصعوبات من سيتحمل أي اخفاق للفريق مستقبلاً ؟ هل سيخرج بيرلسكوني ويعلن تحمله المسؤولية ام سيكرر عادته في انتقاد المدرب واعتراضه على طريقة اللعب ؟ .. مشوار سيدورف مع ميلان للأسف سينتهي بإقالة !



هناك من يراهن على مسيرة سيدورف كلاعب .. قيمته الفنية -انجازاته التاريخية وشخصيته القيادية العظيمة داخل وخارج الملعب ولكن منذ متى تقاس قيمة المدرب بالنظر لمسيرته كلاعب ؟ .. العكس تماماً يحصل في الغالب ويفشل اللاعب الكبير في مجال التدريب مع وجود استثناءات بالطبع ..

مثال قريب من سيدورف .. الاسطورة رود خوليت قائد اعظم جيل في تاريخ الكرة الهولندية ، الجيل الذي نجح في تحقيق اللقب الوحيد لـ هولندا حتى الان " يورو 88 " .. شخصية قيادية - تدرب تحت قيادة مدربين عظماء امثال كابيلو - ساكي وقبلهما مخترع الكرة الشاملة " رينوس ميشيلز " .. هو اللاعب الاكثر تكاملاً والوحيد الذي لعب في جميع المراكز " مهاجم - صانع العاب - ارتكاز - ظهير ايسر - مدافع " ..

بعد رحيله عن ميلان وفي موسمه الثاني كلاعب مع تشيلسي تم تعيينه قائداً ومدرباً للفريق في نفس الوقت  .. لكن مسيرته التدريبية كانت متواضعة انتهت عام 2011 بإقالة من فريق تيريك جروزني الشيشاني !




فريق متهالك غير متكامل يمر بمرحلة صعبة يحتاج لمدرب بخبرة كبيرة وفكر تكتيكي عالي يضع بصمة واضحة على الفريق ويرفع من جودته .. كل تلك الأمور تتوفر في مدرب انتشل فيورنتينا " الصاعد " إلى دوري الابطال وانتشل الاتزوري " المحطم " بعد الخروج من دور المجموعات في مونديال 2010 إلى نهائي يورو 2012 .. تشيزاري برانديلي ، المدرب الكبير الذي أراده جالياني بشدة لكن كالعادة .. بيرلسكوني يوقف أي صفقة من شأنها النهوض بالميلان ويبحث فقط عن الأقل تكلفة !