الجمعة، 27 يونيو 2014

ايطاليا .. في الخروج كلكم مذنبون .. !




24 يونيو 2010 : ايطاليا تخسر من سلوفاكيا 3-2 وتودع كأس العالم من دور المجموعات .. بعد 4 سنوات وفي نفس اليوم 24 يونيو 2014 : ايطاليا تخسر من اوروجواي 1-0 وتودع كأس العالم من دور المجموعات ايضاً ! .. من يشاهد هذه المسيرة يجزم أن المنتخب الايطالي انهار ووصل لأدنى المستويات لكن في الوقت ذاته يتراجع عندما يتذكر أن بين البطولتين وصل لنهائي بطولة امم اوروبا ! .. تناقض غريب لكنه معتاد في الكرة الايطالية المليئة بالتناقضات ..



بعد الاخفاق من السهل رمي التهم والتنظير واتهام الجميع بالفشل والحديث عن مدرب سيء ولاعبين متواضعين مضخمين اعلامياً ، في المقابل من السهل الدفاع واعتبار ماحدث مجرد عثرة لم تكن لتحدث لو سجل بالوتيلي الانفراد امام كوستاريكا .. لكن في الواقع ماحدث هو فشل مشروع اشترك فيه الجميع وفي اسوأ الاحوال كان بالإمكان اظهاره بشكل اقل سوء مما شاهدنا في البرازيل ، بالإضافة إلى امور طبيعية لا يملك احد تغييرها ..



اول وأهم اسباب ازمة المنتخب الايطالي هي " الطبيعة " .. ببساطة لا توجد مواهب شابة استثنائية وتحديداً في خط الدفاع .. هناك اسماء مميزة من الممكن العمل عليها وتطويرها لكن من المستحيل لا بالمال ولا بالفكر أن يتم تحويل دي شيليو إلى مالديني - انسيني إلى سينيوري - ايموبيلي إلى باولو روسي .. الخ ، كل جيل تبقى له خصوصيته بعيداً عن المقارنات الغير مجدية والتي تقتل اللاعبين الشباب .. في المقابل لا يمكن بعد أول اخفاق أن نقول عن فيراتي وزملائه انهم فقاعات صنعها الاعلام !! الواقعية مطلوبة وتحديداً في تقييم اللاعبين الشباب ..


ايضاً هناك ازمة ثقة بين الاندية الايطالية واللاعبين الايطاليين الشباب نشأت بعد عدة رهانات خاسرة وسوء لتقييم المدربين لها جعلت الاندية تفضل الرهان على اسماء متواضعة من امريكا الجنوبية بينما تموت العديد من الاسماء الشابة في غياهب الدرجة الثانية ، واكبر مثال على ذلك فيراتي الذي اعتبر المبلغ المطلوب لبيعه من بيسكارا " 13 مليون يورو " ضرب من الجنون ولم يفكر كبار الكالتشيو بدفعه لكن عندما برز وتألق مع PSG اصبح هناك استعداد لدفع اكثر من هذا المبلغ لأجله .. والسؤال ، لولا زيمان أين سيكون فيراتي - انسيني - ايموبيلي الان ؟ وكم من موهبة على غرار هذا الثلاثي مازالت تنتظر زيمان اخر يبرزها للطليان ؟!


عندما ننظر إلى بدايات الجيل الذهبي الاخير للكرة الايطالية نجد أنهم فازوا ببطولة امم اوروبا تحت 21 عام ثلاث مرات متتالية مع المدرب الكبير تشيزاري مالديني .. تلك الالقاب كان ابطالها " بوفون - تولدو - نيستا - كانافارو - توتي - دل بييرو - فييري - انزاجي .. والقائمة تطول " .. هذه الاسماء إضافة إلى امكانياتها الاستثنائية وجدت الدعم من الاندية وفُتح لها المجال من قبل المدربين لكن عندما نشاهد اخر جيل شاب لإيطاليا تألق في اليورو تحت 21 عام ووصل لنهائي البطولة الماضية عام 2013 نجد منهم " فيراتي - فلورينزي - انسيني - ايموبيلي - بوريني .. الخ " فقط اسماء في الوسط والهجوم تواجدت في دوري الدرجة الاولى بينما لاعبو الدفاع مازالوا في جروسيتو - امبولي - تشيزينا - تشيتاديلا وغيرها من اندية الدرجة الثانية ! قد تكون موهبتهم اقل من المطلوب لكن بلا شك هناك اسماء اجنبية في دوري الدرجة الاولى وحتى مع الاندية الكبيرة اقل منهم بكثير !


هناك مراكز تقوم عليها طريقة لعب برانديلي وتحديداً في الاطراف " الظهيرين - الجناحين " .. في يورو 2012 نجح مع ماجيو وبالزاريتي وكلاهما في سن الـ 30 لكن بعد سنتين اختلف الوضع وعانا من اصابات وتراجع في الاداء .. من أين يأتي بظهير وايطاليا بأكملها لا تمتلك سوى دي شيليو الذي بدوره اصيب ولم يعد إلا في المباراة الاخيرة ؟! .. فقط في هذه النقطة اجد بعض العذر له لكن هذا لا يلغي الاخطاء الكارثية التي وقع بها منذ البداية ..


لماذا خسر برانديلي في اسبوعين مجموع ماخسره منذ توليه مهمة تدريب المنتخب في اكتوبر 2010 ؟!


اولاً / تغيير هوية اللعب : الاتحاد الايطالي وبرانديلي حاولا محاكاة الاسلوب الاسباني باللعب الهجومي والاعتماد على الاستحواذ .. ايطاليا تخلت عن هويتها التكتيكية الواقعية في وقت اقتبست فيه منتخبات عرفت بالنهج الهجومي الاسلوب الواقعي الايطالي ! .. من هنا نشأت المشكلة حينما وجد اللاعبون ادوار وطريقة لعب في المنتخب تختلف عما اعتادوا عليه في انديتهم ، ضاعت الهوية فظهرت ايطاليا مشوهة ..


ثانياً / اختيار مكان المعسكر : برانديلي اختار " مانجاراتيبا " مقراً لإقامة المنتخب بها وهي قرية تقع في جنوب البرازيل بينما تقام مباريات ايطاليا في شمالها مما اضطره لقطع 13 الف كلم في المباريات الثلاث وهو ما انتقده عليه الاعلام قبل البطولة وبعض الخبراء مثل اليساندرو التوبيلي الذي وصف ذلك بالأمر الغريب والمؤثر بدنياً وذهنياً على اللاعبين .. نتيجة ذلك مع حرارة ورطوبة الاجواء في البرازيل شاهدنا منتخب غير قادر على الركض في الشوط الثاني ..




ثالثاً / تخبطات برانديلي التكتيكية : طوال مشواره التدريبي لعب برانديلي بأسلوب واحد " 4-3-3 " لكن عندما وصل للمنتخب خرج بتصريح غريب يطالب فيه اللاعبين بأن يكونوا مستعدين لتطبيق 7 خطط ! .. في السنوات الاربع الماضية لم نشاهد المنتخب الايطالي يلعب 3 مباريات متتالية بأسلوب ورسم تكتيكي واحد .. بل وشملت التغييرات العديد من الاسماء ، احياناً للإصابات وتراجع الاداء دور لكن التغيير في العناصر بين اليورو - القارات والمونديال شيء غير معقول !


في كل مباراة هناك طريقة لعب واحياناً العناصر لا تناسب تلك الطريقة .. مثلاً مباراة اوروجواي ، بالغ برانديلي بالتحفظ ولعب بتشكيلة لا تضم لاعب واحد يمتلك السرعة ، كيف بإمكانه أن يصنع هجمة مرتدة في وقت كان يمتلك على الدكة تشيرتشي وانسيني ؟ .. خطأ اخر ارتكبه وهو البداية برأسي حربة داخل المنطقة ومع الاسف كانا معزولين تماماً في ظل غياب لاعب يربط الوسط بالهجوم حيث الجميع بخصائص دفاعية اكثر منها هجومية .. كذلك اشراك فيراتي مع بيرلو وهي مسألة راهنت على فشلها قبل المونديال وسط اعتراضات البعض وبالفعل ثبت أن هذا الثنائي لا يمكن أن يجتمع في تشكيلة واحدة ، زحمة في الوسط وتداخل للأدوار مع هجوم معزول ودفاع مكشوف يغلف ذلك حالة بدنية وذهنية سيئة لذلك شاهدنا اداء بطيء عقيم بحلول معدومة .. حتى التغييرات كانت سيئة ، دخول لاعبي ارتكاز ومهاجم بطيء " كاسانو " ! اسوأ مباراة في مشوار برانديلي التدريبي ..


رابعاً : غياب الروح .. تاريخياً اشتهر المنتخب الايطالي بالروح والقتالية بما يعرف بـ " الجرينتا " ، كانت العلامة المميزة للاتزوري عن باقي المنتخبات وبفضلها قهر ظروف وخصوم اقوى منه والامثلة عديدة ومعروفة .. بدون رغبة وقتالية لا يمكن لأي مجموعة أن تفوز وتزيد هذه الاحتمالية عند ايطاليا بالذات .. ما اتضح بعد الخروج من مشاكل وانقسام في غرفة الملابس وفشل برانديلي في السيطرة على الوضع أوضح سر غياب الروح التي لم تظهر إلا في مباراة انجلترا وهذا النوع من المباريات كما يقول بوبان تحفز اللاعبين تلقائياً دون الحاجة للمساعدة من أحد ، بينما امام كوستاريكا واوروجواي شاهدنا لاعبين غير متحدين يلعبون بلا رغبة وهذا من اهم اسباب السقوط .. نقطة يتحملها برانديلي اولاً ثم اللاعبين وتحديداً بعض العناصر المعروف عنها قلة الانضباط واللامبالاة وعدم تحمل المسؤولية ..

انقسام في غرفة الملابس - تمرد لاعبين وتدخل اخرين في التشكيلة - توتر وتغييرات متكررة في التشكيلة واسلوب اللعب كل تلك الامور كشفت جانب سلبي في شخصية برانديلي ..


هذه النقاط الاربعة برأيي كانت اهم عوامل الخروج المفاجئ من الدور الاول .. المشروع والمواهب وازمة الاندية لها تأثير لكنها بلا شك ليست مبرر للخروج في مجموعة تأهلت منها كوستاريكا التي لا تملك مواهب خارقة ولا اندية قوية ولا اموال ..


إجمالاً .. ايطاليا سقطت في المونديال لكن ايضاً سقطت اسبانيا وانجلترا والبرتغال بمواهبها وانديتها واموالها ، الخروج لا يجب أن يكون نقطة نهاية بل يجب اعتباره نقطة بداية للمدرب الجديد الذي سيجد امامه عدد من الاسماء الجيدة جداً والتي بإمكانها تكوين منتخب محترم يعيد لإيطاليا شيء من هيبتها في المونديال القادم ، على أمل ان تحمل السنوات القليلة القادمة مفاجآت بظهور مواهب حقيقية تعيد الاتزوري لمكانه الطبيعي على منصات التتويج ..


ايطاليا يجب أن تعود أولاً لهويتها .. اللعب الواقعي وتكوين منظومة دفاعية صلبة " مهما كانت الاسماء " مع بناء هجمات مرتدة سريعة ، اما اسلوب الاستحواذ فله مدارسه وبلدانه .. نقطة يجب أن يعيها الطاقم الإداري والفني الجديد للمنتخب ..


سيريجو - دي شيليو - رانوكيا - فيراتي - جورجينيو - انسيني - ايموبيلي - ديسترو وربما الشعراوي و بيراردي .. اسماء تستحق الاهتمام ويمكن أن يتم عليها بناء منتخب شاب جديد لن يصل لمستوى جيل 2006 لكن يمكنه مقارعة منتخبات 2014 فـ كرة القدم تغيرت ومانشاهده في المونديال الحالي امتداد لما شاهدناه من اتلتيكو مدريد و بوروسيا دورتموند ، كرة القدم اصبحت لعبة جماعية يتغلب فيها من يمتلك منظومة تكتيكية قوية لا من يمتلك اسماء رنانة .


الثلاثاء، 10 يونيو 2014

علاقة 12 عام تنتهي بـ " ايميل " .. !






رسمياً اعلنت ادارة الميلان عن اقالة كلارنس سيدورف من تدريب الفريق بعد فترة قصيرة جداً من استلامه المهمة ، اقالة توقعتها شخصياً في مقال سابق عند اعلان تسليمه مهمة تدريب الفريق ذكرت فيه تحديداً " مشوار سيدورف مع ميلان سينتهي بإقالة " .. في الواقع لم أكن اتصور انها ستتم بعد 4 اشهر فقط بل في الموسم المقبل وبطريقة افضل مما حدث ..


بيرلسكوني في تصريح سابق : " سيدورف بطل عظيم ، أود رؤيته في ميلان حتى يصل لسن الخمسين " ! .. الكل يعرف مدى اعجاب بيرلسكوني بالنجم الهولندي وثقته الكبيرة فيه ، يوضح ذلك مدة العقد الذي تم منحه لسيدورف عند التعاقد معه .. ولكن ، ما الذي حدث وتسبب بإنهاء علاقة الحب بتعامل جاف وإقالة بـ " ايميل " ! وانهاء الثقة بعد 4 اشهر فقط ؟!


لو قمنا بتحليل الموضوع من البداية سنجد أن مايحدث الان هو نتاج انقسام اداري نشأ منذ قدوم باربرا التي بمجرد وصولها لإدارة الميلان بدأت بحرب كبيرة ضد جالياني انهاها بيرلسكوني ودياً بوضع كل طرف في مجال بعيد نوعاً ما عن الاخر ..


سيلفيو - باربرا - جالياني .. من منهم الاقرب للفريق والاكثر متابعة ودراية بكل تفاصيله ؟ بالتأكيد جالياني ، بينما بيرلسكوني ظل بعيداً لسنوات لا يعرف إلا الامور الظاهرية ولا يقوم بزيارة الميلانيلو إلا في ايام معدودة من الموسم ، كذلك الحال لباربرا التي ظهرت فجأة ولا تملك أي مؤهلات لتقييم امور الفريق لذا تم ابعادها لاحقاً وتكليفها بالأمور المالية ..


جالياني لم يكن مقتنع بإقالة اليجري ومع ذلك وافق على أن تنتهي العلاقة معه في نهاية الموسم بعد أن لاحظ استحالة الاستمرار مع رفض الرئيس المتكرر له .. جالياني فقط كان ضد تعيين سيدورف وكان يفضل عليه دونادوني وانزاجي .. بمتابعته واطلاعه على تفاصيل الفريق وعلمه التام بشخصية سيدورف كان يرى ان هناك شيء يجعله الشخص الغير مناسب وفعلاً ماحدث لاحقاً في الـ 4 اشهر اثبت ذلك ..


سيدورف كان لاعب عظيم بإمكانيات غير عادية لكن واجه مشاكل عديدة في معظم محطاته الكروية اثرت على استمراريته وكان يتنقل بإستمرار ، كذلك الحال مع المنتخب وهذا يفسره زميله في المنتخب الهولندي فان در سار بأن كلامه الكثير في غرفة الملابس سبب له عدة مشاكل مع المدربين ..


سيدورف ذكي ويفهم كرة القدم لكن لديه قناعة بأنه لا يخطئ ومن حقه التدخل في عمل الاخرين ، في المقابل يرفض التدخل في عمله .. من هنا نشأت المشكلة وماذكره تقرير لاجازيتا من حقائق يكشف سر تردي العلاقة بين الادارة والمدرب .. فلا يمكن أن تأتي للمساعد وتطلب منه عدم التدخل وتخبره بأن تعليماتك لا توجه له بشكل مباشر وإنما ترسل له عبر الايميل - تذهب لمقابلة الكورفا والمستثمرين وتخرج في مقابلات اعلامية ، كل ذلك دون علم الادارة .. هذا ماظهر في الاعلام وربما تغيب عنا تفاصيل اكثر سوء ..


الامر لم يقتصر على الادارة فقط بل حتى غرفة الملابس .. ماسمعناه من تقارير اعلامية متكررة حول توتر العلاقة والانقسام في الفريق بين مؤيد لسيدورف ومعارض له اتضح بعد تصريحات بعض اللاعبين حوله اخرهم دي شيليو الذي كشف عن أن سيدورف لم يكن يستمع لهم ..


سيدورف أراد أن يعمل بطريقة المدير الفني المتبعة في انجلترا ولم يدرك حجم الاختلاف بين الثقافة الانجليزية والايطالية بالرغم من أنه قضى معظم مشواره الكروي في ايطاليا وكان من الواجب عليه الالتزام بمبادئ وقواعد الميلانيلو " اعظم مركز تدريبي في العالم " .. قوانين التزم بها قبله مدربين عظماء ولا يعتبر ذلك ضعف شخصية او قلة ثقة بل ذكاء ومرونة اجمع عليها عمالقة امثال كابيلو - ساكي - تراباتوني عند حديثهم حول اهمية تحلي المدرب في ايطاليا بمرونة في تعامله مع ادارات الاندية وإلا سيخسر منصبه بسهولة ..


لو كان الامر يتعلق بالأمور الفنية بلا شك ستجد الادارة العذر لسيدورف وتمنحه الفرصة لموسم اخر لكن ماحدث اكبر من ذلك .. لم يكن هناك مجال للعمل بين ادارة ومدرب يعمل كلاً منهم بأسلوب وفكر مختلف تماماً عن الاخر .. وعلى ذلك نشأ شرخ في العلاقة انهى مسيرة سيدورف بشكل مبكر يتحمل منه جزء كبير بقبوله المهمة في وقت سيء وظروف سيئة ثم اصطدامه مع الادارة ، في المقابل تتحمل الادارة ايضاً مسؤولية ماحدث نتيجة انقسامها وعشوائيتها وهذا مايوضحه تراجع بيرلسكوني عن رأيه واعترافه بالخطأ لأول مرة في تاريخه عندما قال : " استعجلت في اقالة اليجري " .. كلمة لا تعكس رغبته في المدرب التوسكاني بقدر خيبة امله مما حدث مع سيدورف ..


اذاً الاقالة لا تتعلق بالأمور الفنية والتي لم يقنع فيها سيدورف كذلك ، نتذكر كيف وصل ليوناردو بالفريق إلى دوري الابطال لكن ذلك لم يحميه من الاقالة بسبب صدامه مع بيرلسكوني .. في المقابل انزاجي لن يقال بطريقة سيدورف كونه يعرف كيف يتعامل مع الادارة بمرونة ، يحاول ان يطرح عليهم افكاره ويتقبل افكارهم بطريقة ودية كما كان يفعل انشيلوتي المدرب صاحب اطول مسيرة تدريبية مع بيرلسكوني والذي خاض معه سيدورف اطول مسيرة في مشواره كلاعب ، كل ذلك يعود لشخصيته المميزة المرنة وحكمته في ادارة الامور بالعقل بعيداً عن العناد وفرض الرأي وهذا ما أكده مؤخراً في اول مواسمه مع الريال ..


هناك من يتحدث عن نتائج مميزة ومسيرة ناجحة لسيدورف اثناء تدريبه لميلان وهذا غير صحيح .. ميلان معد بدنياً بطريقة تمكنه من الاحتفاظ بمعدل لياقة عالي في الدور الثاني الذي تفقد فيه معظم الاندية هذه الميزة وتحديداً اندية القسم الثاني من الترتيب والتي لا تعتمد إلا على العامل البدني .. معظم نتائجه الايجابية أتت امامها ..


بالأرقام : مع سيدورف لعب ميلان 22 مباراة - فاز 11 - تعادل 2 - خسر 9 - سجل 28 - دخل مرماه 26 هدف ..


مع سيدورف اقنع الفريق في مباراتين او ثلاث فقط ، عدا ذلك حتى وإن فاز لم يكن يمتلك هوية واضحة في الملعب ولا اسلوب تكتيكي .. فريق بطيء يستحوذ دون خطورة على المرمى - دفاع مكشوف وهزيل - تراجع كبير في اداء وتقييم كل العناصر بلا استثناء بفضل غياب الانضباط التكتيكي ، فقط .. برز بشكل واضح وصنع الفارق من اعتمد على فردياته واعني هنا عادل تاعرابت !


إن كان ميلان مع سيدورف في الدور الثاني قد حل ثالثاً بعدد النقاط " 35 نقطة " فالموسم الماضي في الدور الثاني حل ثانياً خلف يوفنتوس بنقطة واحدة فقط بعد أن جمع 42 نقطة ويوفنتوس 43 ..


الضعف التكتيكي اتضح عندما واجه ميلان اندية حاضرة بدنياً وتملك مدربين مميزين تكتيكياً .. لا نتحدث هنا عن اندية لديها عناصر افضل مثل يوفنتوس - روما - نابولي ولو ان الفريق كان بإمكانه الظهور امامهم بشكل افضل لكن أن يخرجك اودينيزي من الكأس في ملعبك ويكرر فوزه عليك في الدوري - يسقطك بارما في سان سيرو بالأربعة - تخسر ذهاباً واياباً في دوري الابطال امام فريق واحد حتى وإن كان هذا الفريق بطل اسبانيا و وصيف اوروبا فهذا يوضح ان هناك خلل ما ..


ميلان في اخر 20 عام خسر في دوري الابطال ذهاباً واياباً امام فريق واحد مرتين فقط .. مع ليوناردو امام مان يونايتد ومع سيدورف امام اتلتيكو مدريد .. عن أي نتائج مميزة ومسيرة ناجحة نتحدث ؟!


هذا الخلل الفني والتكتيكي أمر بديهي متوقع ولا يمكن أن يحدث عكس ذلك .. فلا الوقت ولا الظروف كانت ستساعد أي مدرب اخر فكيف بمدرب يعيش اسابيعه الاولى في هذه المهنة المعقدة !


بإختصار .. الادارة اخطأت واستعجلت بتعيين سيدورف وهو اخطأ باساءته التصرف وعدم التزامه بالقواعد المطلوبة والتي لو التزم بها لحافظ على مقعده موسماً اخر كان سينتهي بالإقالة ، فالميلان بحاجة لمدرب بإمكانيات افضل بكثير من سيدورف وانزاجي وقبل ذلك بحاجة لعناصر افضل من انصاف اللاعبين المتواجدين حالياً ..


اختم بتصريح " الصريح " بوبان وتقييمه لهذه التجربة : " تجربة سيدورف التدريبية لم تنجح وهذا أمر متوقع ، كان خياراً سيئاً لميلان واسوأ لسيدورف .. رائع كلاعب ورائع كشخص يفهم كرة القدم لكن كمدرب بحاجة للوقت وقد ينجح في المستقبل " .