الجمعة، 15 أبريل 2016

منذ ثلاث سنوات وتصحيح الخطأ بخطأ !


منذ ثلاث سنوات وتصحيح الخطأ بخطأ !





5 مدربين تعاقبوا على تدريب فريق في 3 سنوات .. لا نتحدث هنا عن نادٍ عربي أو يديره زامباريني بل الحديث عن ميلان أحد عمالقة الكرة العالمية .. رقم كبير جداً وغير مألوف لفريق بهذا الحجم ومايؤكد ذلك انه يعتبر اعلى رقم في عهد بيرلسكوني - أي في 30 عام - وثاني اعلى رقم في تاريخ النادي الممتد لـ 116 عام !


هذا الرقم يوضح أن هناك خللاً ما .. المشكلة في ميلان واضحة تبدأ من فوضى إدارية وغياب تام للتخصص بعد أن قرر بيرلسكوني إلغاء منصب المدير الرياضي وترك المهمة لمدير تنفيذي تخصصه إداري تفاوضي فقط ولا يجيد إختيار اللاعبين المناسبين لحاجة الفريق أي أن النظرة الفنية في اختيار المدربين واللاعبين لم تعد موجودة في الإدارة " والحديث عن هذا الموضوع يطول وسبق أن تم التطرق له اكثر من مرة " ..


بعد إقالة اليجري تعاقب على تدريب ميلان الثلاثي سيدورف انزاجي وميهايلوفيتش والان رابعهم بروكي ! من هنا تبدأ المشكلة وهي سوء الاختيار وعشوائيته ، فعندما تتعاقد مع مدرب يجب أن يمتلك سجلاً مميزاً بالذات في حالة ميلان " فريق كبير بضغوطات اعلامية وجماهيرية لكنه يمر بمرحلة تراجع وغياب للأسماء الكبيرة التي تسهل مهمة المدرب المبتدئ كما في برشلونه والريال " .. للأسف في ميلان تكرر نفس الخطأ للمرة الرابعة ولهذا لا افضل تحميل المدربين الخطأ بقدر تحميله الإدارة التي اساءت الاختيار ..


وبما أن تجربة سيدورف وانزاجي تم الحديث عنها بإسهاب سيكون ميهايلوفيتش محور هذا المقال ..


مازلت اتعجب ، ماهو المعيار الذي من خلاله تم اختيار ميهايلوفيتش لقيادة ميلان في هذه الظروف الصعبة وكيف توقع بيرلسكوني للحظة أنه الشخص المناسب لحل ازمة الفريق ؟


يوم تعيينه راهنت على عدم نجاح ميهايلوفيتش وانتهاء مسيرته بالإقالة وهذا ماحدث ، من اهم الاسباب التي بنيت عليها هذا الرهان فشل المدرب الاجنبي دائماً مع بيرلسكوني وهذا يعود لإختلاف العادات بين المدربين الطليان الذين ينظرون لبيرلسكوني بإحترام كبير ويسايرونه قدر الإمكان بعكس الاجانب الذين يقفون عادة امام تدخلات بيرلسكوني المستفزة والمتكررة ولا يتعاملون مع مزاجه الصعب بالطريقة التي يريدها فيحصل الصدام كما كان مع ليوناردو وسيدورف وايضاً حصل مع ميهايلوفيتش وخصوصاً هذا الاخير معروف بطبعه الحاد فكان من المستحيل أن تتوافق شخصيته مع شخصية الرئيس ..


هناك عادات ايضاً يقوم بها المدربين الاجانب ولا تعجب الرئيس كما كان مع التركي فاتح تريم الذي انزعج بيرلسكوني من طريقة ارتدائه للملابس وكذلك تجوله في الميلانيلو رفقة عدد من مساعديه ومع اول فرصة قام بإقالته ولم يمنحه سوى 10 جولات بينما الاوروجواياني تاباريز حصل على 11 جولة فقط وتمت اقالته !


لهذا من الصعب انتظار نجاح المدرب الاجنبي مع بيرلسكوني ..


هناك سبب اخر للرهان على عدم نجاح ميهايلوفيتش وهي سيرته الذاتية المتواضعة كمدرب ولا اشك لحظة بأن من أيد تعيينه وتوقع نجاحه لم يكن متابع جيد لمسيرته التدريبية التي بدأت فعلياً مع بولونيا وتمت اقالته لسوء النتائج ثم تجربة قصيرة مع كاتانيا انتهت برحيله بعد نهاية الموسم برغبة منه ، فتجربة اخرى سيئة مع فيورنتينا انتهت بإقالته بعد تدهور نتائج الفريق وهتافات معادية وعنصرية من جماهير الفيولا تجاهه تبعتها تجربة مع المنتخب الصربي كذلك كانت غير ناجحة اخفق خلالها في التأهل للمونديال ليعود إلى ايطاليا مع سامبدوريا ويستمر موسمين احتل في الاول المركز الثاني عشر وفي الموسم الثاني المركز السابع ولم يصعد للدوري الاوروبي إلا لمعاقبة جنوى صاحب المركز السادس وابعاده عن البطولة ..


القاسم المشترك بين كل تجاربه أن الفرق التي قادها لم تكن تقدم اداء جيد بإستثناء تجربته الجيدة مع كاتانيا ، كذلك من الامور المشتركة أن تجاربه تخللتها مشاكل شخصية سواء مع اللاعبين او الاداريين واحياناً الجمهور وهو أمر طبيعي لشخص حاد الطباع عُرف عنه ذلك منذ أن كان لاعباً ..


في الربع الاخير من الموسم الماضي كانت هناك اخبار عديدة حول اقتراب ميهايلوفيتش من تدريب نابولي لكن ذلك لم يتم .. أحد الاعلاميين المقربين من دي لاورينتس تحدث عن ذلك بعد التعاقد مع ساري وقال : " ميهايلوفيتش كان خيار دي لاورينتس الأول لكنه تخلى عن فكرة التعاقد معه لسببين ، اولاً انه عندما استشار عدداً من الاداريين الذين عملوا معه ذكروا له الكثير حوله لكن جميعهم اتفقوا على أنه شخص حاد الطباع يخلق علاقة متوترة مع من يعمل معه .. ثانياً أن دي لاورينتس لم يكن معجباً بما شاهده في مباراة نابولي وسامبدوريا في الجولة 32 والتي فاز فيها نابولي بالأربعة ، دي لاورينتس كان مستاء من اداء سامبدوريا وتفاجأ كما يقول بمشاهدة فريق منهار بدنياً بلا هوية ولا أفكار ولا أي مقاومة " ..


السبب الثاني قد يكون غير منطقي كونه تم من خلال مباراة واحدة لكن هذه ايضاً حقيقة حول وجود علامة استفهام على الاعداد البدني لميهايلوفيتش والانهيار الذي يصيب الفرق التي يقودها في نهاية الموسم وتحديداً اخر 10 مباريات حيث خسر مع بولونيا 7 من اخر 10 مباريات له ومع فيورنتينا فاز في 3 من اخر 10 مباريات كذلك مع سامبدوريا في موسمه الاول ، بينما في موسمه الثاني فاز مباراة واحدة في اخر 10 جولات ! وهذا الامر لاحظناه مع ميلان وكيف تراجع الفريق مؤخراً وفشل بالفوز في اخر 5 مباريات ..


كل تلك الامور تجعل من اختيار ميهايلوفيتش لقيادة ميلان في هذه الظروف الصعبة أمر غير منطقي حيث يمر الفريق بأزمة كبيرة تعقد عمل أي مدرب كبير فكيف بمدرب لا يتمتع بقدرات كبيرة وتاريخه يؤكد هذا الامر ! من هنا وضعت كل اللوم على الإدارة التي في كل مرة تثبت عشوائيتها في الاختيار وهي المتسبب الأول في الحال التي وصل إليها الفريق ..


ميهايلوفيتش له ايجابيات لا يمكن انكارها ، شخصياً سأظل ممتناً له لأصراره على ضم رومانيولي وهو اهم وابرز نقطة ايجابية تسجل له كما كان التعاقد مع روي كوستا نقطة تسجل لفاتح تريم ، ايضاً لا اخفي تعاطفي معه في بعض فترات الموسم على فرض شخصيته على بعض اللاعبين الغير منضبطين وعلى إظهار الفريق بشكل ايجابي كان للأسف في فترات متقطعة لكنه اجتهد وحاول قدر الإمكان أن يقدم شيء للفريق إلا أن ذلك لم يكن كافياً لإستمراره موسماً اخر .. فلا الاداء اجمالاً كان مقنع ولا النتائج ولا قراءته للمباريات حيث لاحظنا جميعاً أن تغييراته في معظمها خاطئة ويؤكد ذلك أنه لم ينجح في قلب سوى مبارا واحدة ..


الرهان على دوناروما أيضاً نقطة تحسب له وإن كان عاجلاً أم اجلاً سيأخذ دوره ونتذكر الحديث في الموسم الماضي عن امتلاك ميلان لظاهرة في حراسة المرمى سيبرز مستقبلاً لكن مدرب اخر كان سيؤجل اشراكه ويعتمد على ابياتي في حال غياب لوبيز ..


بينما الوصول لنهائي الكأس لا أراه عمل كبير لأن الفريق سيخوض مباراته الحقيقية الأولى في البطولة امام يوفنتوس بما أن مشواره في البطولة كان أمام فريقين من مؤخرة ترتيب الدرجة الاولى وفريقين من الدرجة الثانية وفي نصف النهائي واجه فريق من الدرجة الثالثة ..


نتفق أو نختلف حول شخصيته لكن الأكيد أن ميهايلوفيتش مدرب محدود تكتيكياً ومع هذا النوع من المدربين لا يمكن التقدم تماماً كالتعاقد مع مدرب قوي تكتيكياً لكنه ضعيف الشخصية ..


لا اوافق من يتحدث بعاطفة ويرفض اقالته أو من يقارن موسم ميلان الحالي مع الموسم الماضي ويتحدث عن تقدم لأن انزاجي ليس مقياس ولا يعتبر مدرب حقيقي حتى الان ومع ذلك الفارق ليس بالكبير ، نتحدث عن 6 نقاط فقط افضل من الموسم الماضي رغم اضافة رومانيولي كوتشكا وباكا .. في المقابل بعد 32 مباراة سجل ميلان انزاجي اهداف اكثر " 45 هدف " مقابل 42 هدف لميلان ميهايلوفيتش .. دفاعياً تلقى ميهايلوفيتش 35 هدف وانزاجي 39 .. أين التحسن ؟ 


مشكلة ميلان ادارية نعم .. مشكلة عناصر أيضاً نعم ، لكن لو تركنا كل الامور جانباً وركزنا على عمل ميهايلوفيتش بشكل عام فهو لم يقدم المأمول .. هل استحق الاقالة ؟ نعم كان مؤكد أنه لن يستمر بعد نهاية الموسم وتوقيت الاقالة أراه مناسباً لسبب مهم وهو تجربة بروكي حتى يقتنع بيرلسكوني بأن هذا النوع من المدربين لا يمكن الاعتماد عليهم بظروف ميلان الحالية .. بروكي يستمر لنهاية الموسم ثم يرحل أفضل من أن يأتي في الصيف ويضيع موسم رابع على التوالي مع تجارب ورهانات عشوائية لا تستند على رؤية فنية واضحة .. تعيين بروكي بدلاً من ميهايلوفيتش هو مثل تعيين ميهايلوفيتش بدلاً من انزاجي وتعيين انزاجي بدلاً من سيدورف " تصحيح خطأ بخطأ اخر " ..


اتعاطف مع بروكي واتوقع أن يصبح مدرب جيد في المستقبل لكنه الان ضحية اخرى لسوء اختيار ادارة لم تعد تملك لا المال ولا الفكر .. ميلان كما أكرر دائماً انه في هذا الوضع الذي يعاني فيه من محدودية امكانياته يحتاج إلى مدرب ايطالي يملك خبرة كافية ويجيد اختيار اللاعبين المناسبين في الميركاتو ويصنع منظومة تكتيكية قوية تساهم في استخراج أفضل مالديهم ، هناك برانديلي لديه هذه الميزة وهناك عدد من المدربين ابرزهم دونادوني الخيار الأفضل والأنسب ومعه يمكن أن يبدأ ميلان فعلياً مرحلة الترميم وبناء فريق من الصفر إلى أن تنتهي الازمة ويعود لمكانه بين الكبار في حال قرر بيرلسكوني بيع النادي لمستثمر يملك المال والشغف اللذان افتقدهما سيلفيو منذ مدة وأضاع على ميلان 3 سنوات بأختيارات سيئة لا نتمنى أن تمتد لموسم رابع .

الخميس، 19 مارس 2015

نيستا / ميلان .. انتقال بقرار وزاري !





في كرة القدم هنالك العديد من الأحداث التاريخية والمعلومات الهامة التي يتم تشويهها وعدم نقلها بالشكل الصحيح إما بإضافة معلومات مغلوطة أو تغيير مجرى القصة بالكامل من خلال نقل ما يتم تداوله في المنتديات سابقاً أو بعض وسائل الاعلام العربية التي بدورها لا تبحث عن الحقيقة وتكتفي بالبحث السريع ونقل المعلومة دون التأكد من صحتها ..

قصة انتقال قائد لاتسيو اليساندرو نيستا إلى ميلان والطريقة التي تمت بها تعتبر من أبرز الأحداث التي تم تحريفها واختراع قصة لم تحدث إطلاقاً وخصوصاً ما يتردد بكثرة عن صرف السير اليكس فيرجسون النظر عن اللاعب بسبب ادائه الكارثي في الديربي الشهير الذي تابعه المدرب التاريخي للمان يونايتد من مدرجات الاولمبيكو خصيصاً من أجل نيستا عندما كان هدف النادي الانجليزي الأبرز ، وكما يقال أن ذلك التصرف من السير فتح المجال أمام ميلان لخطف اللاعب !

لا يوجد عقل يقبل بأن يتصرف مدرب من هذا الحجم بطريقة سطحية ويطلق حكمه النهائي على اللاعب رقم واحد عالمياً في مركزه ذلك الوقت من شوط واحد !! .. استخفاف بقيمة المدرب الكبير وتقليل من شأن المدافع الظاهرة ..

عندما نتحدث عن قصة انتقال اليساندرو نيستا في أوج عطائه " 26 عام " فنحن نتحدث هنا عن أهم صفقة انتقال مدافع في تاريخ كرة القدم ، لذا من الطبيعي ألا تكون القصة عادية بل مرت بأحداث عديدة وتقلبات لم تكن متوقعة ..

قبل الأزمة الاقتصادية التي مر بها لاتسيو كانت هنالك عروض تصل لنجومه خصوصاً نيستا ، والنادي الأكثر رغبة بالتعاقد معه هو ريال مدريد لكن لاتسيو حينها يعتبر قوة اقتصادية عالمية و وجهة مهمة لأبرز نجوم العالم .. العرض تم رفضه من قبل مالك النادي سيرجيو كرانيوتي الذي تخلى عن عدة اسماء مهمة مثل فييري - فيرون - نيدفيد - سالاس ، لكن بالنسبة له نيستا ابن النادي والقائد وحجر الأساس الذي لا يمس .. والرغبة ذاتها كانت لدى ساندرو الذي لا يقبل النقاش حول امكانية رحيله عن نادي مدينته الذي بدأ فيه منذ أن كان في سن الـ 12 ..

لكن حدث مالم يكن في الحسبان .. الأزمة بدأت فعلياً عام 2002 عندما انهار الاقتصاد الارجنتيني وكان من اكبر المتضررين مجموعة شيريو للأغذية " التي يملكها الرئيس اللاتسيالي سيرجيو كرانيوتي وتسيطر على 51% من اسهم النادي " ومجموعة بارمالات التي انهار بعدها بارما أيضاً ، نشاط الشركتين الاكبر كان هناك بالإضافة لمشاكل احتيالات في الشركتين تسببت في اسقاطها ..

منذ ذلك الوقت بدأت الشكوك حول مستقبل لاتسيو .. النادي تحول فجأة من الثراء إلى الفقر ولتفادي ذلك كان على كرانيوتي أن يبيع أغلى نجوم الفريق لإنقاذ ما يمكن انقاذه وبالطبع كانت انظار اكبر الاندية على الثنائي نيستا و كريسبو ..

ريال مدريد وجد الفرصة اخيراً وقدم العرض الاقوى " 120 مليون يورو بواقع 60 مليون لنيستا ومثلها لكريسبو " واشترط أن تتم الصفقة بالإثنين معاً قبل أن يتم لاحقاً صرف النظر عن كريسبو ليتركه يرحل للإنتر مقابل انتقال رونالدو للريال .. مان يونايتد كان على استعداد لتقديم حوالي 30-35 مليون جنيه استرليني من أجل نيستا .. يوفنتوس وانتر أرادا نيستا لكن بمبلغ مالي + لاعبين بينما ظهرت انباء عن عرض يعتبر الاقل بقيمة 25 مليون قدمه ميلان من أجل نيستا إلا أن جالياني ظهر ونفى اهتمام الميلان مؤكداً أن اللاعب مكلف ولا يمكن التعاقد معه .. بعدها كانت وسائل الاعلام الايطالية تؤكد أن ميلان يفكر بضم كانافارو وقد اقترب منه ..




التاسع والعاشر من شهر مارس عام 2002 .. موعد الجولة 26 من الكالتشيو التي شهدت قمتين حاسمتين" ديربي ايطاليا وديربي روما " حيث كان التنافس ثلاثي على السكوديتو بين المتصدر انتر 52 نقطة و الثاني يوفنتوس 51 نقطة والثالث روما 50 نقطة .. انتهت قمة السبت بتعادل انتر و يوفنتوس 2-2 وحانت الفرصة لروما ليشارك انتر الصدارة إن فاز في الديربي سهرة الأحد .. 

المباراة القضية التي حضرها السير اليكس فيرجسون خصيصاً لمتابعة نيستا والتفاوض مع لاتسيو بعد أن قرر التعاقد معه .. روما " حامل اللقب " كان في أوج عطائه مع الداهية فابيو كابيلو وفي أفضل الظروف بعد تعثر انتر و يوفنتوس بالتعادل بينما لاتسيو في حالة يرثى لها وشتان مابين فريق طامح للسكوديتو وفريق يواجه أزمة اقتصادية ولا يعرف لاعبوه مصيرهم خصوصاً نيستا ابن النادي أكثر من تأثر بما حدث ولم يتقبل فكرة الرحيل عن لاتسيو وإيطاليا ..

ماحدث يومها كان اخر سيناريو يمكن توقعه .. روما ينهي الشوط الاول متقدماً بثلاثية احرزها هدافه مونتيلا بخطأين في الرقابة من نيستا وهدف اخر كان بخطأ كارثي أيضاً من نيستا لا يرتكبه مدافع مبتدئ تبعتها فرصة أخرى بكرة رأسية كاد أن يسجل منها مونتيلا هدفه الرابع في شوط واحد بخطأ اخر لنيستا الذي تركه يلعب بحرية مطلقة ..

بعد الاستراحة ينزل لاعبوا لاتسيو .. نيستا غير موجود وبدلاً منه شارك جوتاردي ! .. حصل نيستا على أقل تقييم في الديربي " 4 من 10 " ..

بعد المباراة أوضح نيستا ماحدث بين الشوطين  : " قدمت اسوأ اداء لي على الإطلاق وأنا من طلب من زاكيروني التبديل حتى لا أرتكب المزيد من الأخطاء " ..


في الجولات المتبقية من الموسم عاد كرانيوتي ليؤكد امكانية بقاء نيستا في حال تأهل لاتسيو لدوري الابطال .. التنافس على المقعد الرابع كان قوي حتى الجولة الاخيرة من الموسم والغريب أن التنافس الأقوى كان بين ميلان ولاتسيو وبدرجة أقل بولونيا و كييفو .. تنافس ميلان ولاتسيو في الواقع كان على المركز الرابع ونيستا وإن كان وقتها ميلان لم يكشف عن نواياه في الصفقة ..

استغل ميلان خسارة لاتسيو امام بولونيا في الجولة ماقبل الاخيرة وفاز على فيرونا واخيراً صعد للمركز الرابع بفارق نقطتين ولم ينفع لاتسيو فوزه في الجولة الاخيرة على انتر 4-2 في موقعة 5 مايو الشهيرة التي قدم فيها نيستا واحدة من افضل مبارياته وأبكى الظاهرة رونالدو وحرم انتر من اللقب ، ذلك لأن ميلان فاز على ليتشي 3-0 وحسم أمر المركز الرابع المؤهل للتصفيات التمهيدية لدوري أبطال أوروبا ..


بعد نهاية الموسم لم يخفي السير اليكس رغبته في ضم نيستا عكس مايتناقله الكثيرين : " من الصعب التوقيع مع لاعبين في كأس العالم لكننا مهتمين بإثنين أو ثلاثة مدافعين ، نيستا الان في كأس العالم ولكن نأمل أن نصل إلى شيء ما قبل بداية الموسم " ..



صورة تنفي مايقال عن ترك فيرجسون لنيستا بعد الديربي .. تصريح يؤكد فيه اهتمامه باللاعب بعد 3 اشهر من المباراة

بدأ مونديال كوريا واليابان وانتهى وماتزال قصة لاتسيو و نيستا مستمرة مع تأكيدات من كرانيوتي على أنه لن يستسلم وسيبقي نيستا في الفريق ..

نيستا كان يفكر في أمور عديدة لكن لاحقاً اتخذ قراره الحاسم بالبقاء في ايطاليا ورفض أية عروض من الخارج منهياً امال مان يونايتد الذي اتجه للتعاقد مع ريو فيرديناند من ليدز و ريال مدريد الذي عانى بعد ذلك بضعة مواسم من تواضع دفاعه .. لم يتبقى سوى يوفنتوس وانتر ، بعض الاخبار ذكرت أن نيستا اخبر كرانيوتي بتفضيله الانتقال للإنتر على يوفنتوس ..

 لكن انتر لم ينتظر طويلاً واستغل ازمة بارما ليوقع مع كانافارو " الهدف الوهمي المعلن لميلان " الذي لم يتعامل معه يوفنتوس بجدية ليبقى وحيداً ينتظر اقناع كرانيوتي مع دخول شهر اغسطس وهو الشهر الاخير في الميركاتو ..

مارتشيلو ليبي هو الاخر لم ينتظرأمام تعنت رئيس لاتسيو وأخبر مودجي بأن الأولوية هي ضم مهاجم وتحديداً ماركو دي فايو وفعلاً انضم مع ميكولي وكامورانيزي لليوفي ولم يعد هناك امكانية لتوفير المبلغ الذي اعلنه في السابق كرانيوتي " 45 مليون يورو " ..

كانت فكرة كرانيوتي أن يحصل على قرض من أحد البنوك لتغطية ميزانية الموسم وتفادي بيع نجوم الفريق لذا لم يكن يقبل التفاوض بأقل من 45 مليون يورو وكان مطمئن لبقاء نيستا تحديداً .. لكن بعد عدة أيام وصله الرد برفض الرابطة اعتماد ميزانية النادي بقروض وضمانات بنكية  " لاحقاً وفق ماورد في بعض وسائل الاعلام الايطالية أن قرار الرفض كان يقف خلفه رئيس الوزراء سيلفيو بيرلسكوني ليضغط على كرانيوتي " .. لذا كان يقال بعد ذلك عن نيستا بأنه المدافع المنتقل بقرار وزاري ..

العاشر من اغسطس .. أول اجتماع رسمي تم بين جالياني وكرانيوتي وهنا دخل ميلان علناً كطرف في الصفقة ، يومها قيل أن الخطوط العريضة قد وضعت بين الطرفين بعد أن وجد كرانيوتي نفسه مجبراً على بيع اللاعب إلا أن الاتفاق على المبلغ لم يتم حيث رفض كرانيوتي المبلغ المعروض " 26 مليون يورو " ..

الخامس عشر من اغسطس .. وكالعادة تظهر بعض التسريبات لتصريحات بيرلسكوني للأشخاص المقربين حوله " اقسم لكم أني سأحضر نيستا لميلان " .. لكن جالياني نفى ذلك وأكد أن ميلان بعد التعاقد مع سيدورف وريفالدو قد أغلق الميركاتو ولا توجد امكانية للتفاوض حول أي لاعب بما أن الفريق لم يضمن بعد تأهله لدور المجموعات لدوري الابطال حيث سيواجه فريق سلوفان ليبيريتش التشيكي ..

فاز ميلان ذهاباً في سان سيرو 1-0 ومباراة الاياب كانت ستقام الاربعاء 28 اغسطس أي قبل نهاية الميركاتو بـ 3 أيام ..



كان نيستا قد عاد وانضم لتدريبات لاتسيو مع المدرب الجديد روبرتو مانشيني وشارك مع كريسبو في مباراة ودية امام الافيس الاسباني .. بعد المباراة طمأن كرانيوتي جمهور لاتسيو " كل من شاركوا في مباراة اليوم سيمثلون لاتسيو الموسم المقبل " ..

الثلاثاء 27 اغسطس .. وبينما يتواجد ميلان في التشيك قام لوتشيانو مودجي بعقد اجتماع مع كرانيوتي وقدم له عرضاً رسمياً بـ 15 مليون يورو + الهولندي دافيدز من أجل نيستا لكن كرانيوتي رفض العرض لأنه يحتاج المال فقط .. وهنا خرج يوفنتوس من الصفقة وانتهت حظوظه ولم يبقى إلا خيارين ، بقاء نيستا في لاتسيو أو رحيله لميلان ..

عاد ميلان من التشيك ببطاقة التأهل رغم الخسارة 2-1 وهنا بدأت فرضية انتقال نيستا للميلان اكبر من أي وقت مضى ..

الجمعة 30 اغسطس .. كرانيوتي يؤكد : " نعم ، نتفاوض مع ميلان من أجل نيستا لكن لم يتم شيء حتى الان " .. بينما جالياني تخلى عن تحفظه : " ميلان يريد نيستا وهو يريد ميلان لكن مازالت المفاوضات مستمرة " ..

السبت 31 اغسطس .. اليوم الاخير في الميركاتو وفي ساعاته الاولى انتشر خبر انضمام نيستا لميلان ، ومابين تأكيد ونفي ظهر ماسيمو كرانيوتي " ابن الرئيس " لينفي الخبر ويؤكد أن المفاوضات ماتزال جارية وأن هناك امكانية لبقاء نيستا ..

قبل انطلاق التدريبات الصباحية غادر نيستا وكريسبو الفورميلو " مقر تدريبات لاتسيو " متجهين إلى ميلانو " كريسبو انضم رسمياً للانتر " .. عدد كبير من جماهير لاتسيو حاصرت نيستا وطلبت منه البقاء .. ساندرو أخبرهم بأنه يريد البقاء وهناك امكانية لحدوث ذلك ..

في التاسعة صباحاً بتوقيت إيطاليا يظهر الاعلان في الموقع الرسمي لميلان : " رسمياً : اليساندرو نيستا للميلان بعقد حتى يوليو 2007 " .. ! تمت الصفقة مقابل حوالي 31 مليون يورو ..




خبر اسعد الميلانيستا وابكى جماهير لاتسيو التي لم تصدق ماحدث وتظاهرت ضد الرئيس الذهبي كرانيوتي الذي خرج ليعتذر : " متأسف لذلك ، بيع قائدنا كان تضحية كبيرة لتسهيل موازنة ميزانية العام المالي للنادي ، اشكر اليساندرو على تضحياته التي قدمها للاتسيو وسيبقى دائماً في قلوب الجماهير وتاريخ البيانكوسيليستي " ..

هكذا انتهت واحدة من اكثر قصص الانتقالات إثارة وتشويق ومن أفضل وأذكى صفقات إدارة الميلان على الإطلاق .. خطوة كانت قاسية على نيستا الذي ترك معشوقه الأول لكنه كتب تاريخ عظيم مع الميلان بدأ من موسمه الاول عندما فاز بدوري الابطال وكأس السوبر الاوروبي واتبعه بالسكوديتو في موسمه الثاني قبل أن يحقق دوري الابطال مرة اخرى عام 2007 .. نيستا لعب لميلان 10 مواسم حقق خلالها 10 القاب و10 اهداف .. رقم مميز للاعب استثنائي .




الخميس، 16 أكتوبر 2014

ميلان انزاجي .. و موسم آخر للرهان !






ست جولات فقط انقضت من الدوري بدأنا نشاهد بعدها تقييمات وأحكام نهائية من بعض محبي الميلان على الفريق بمدربه ولاعبيه وهو أمر غير منطقي لفريق مازال تائه مع ادارته العاجزة عن ايجاد خطة واضحة تعيد من خلالها إنعاش الفريق في المرحلة الإنتقالية التي يمر بها منذ 2012 دون بوادر إيجابية تبشر بعودة زعيم اوروبا لمكانه الطبيعي .. !


إقالة سيدورف وتعيين بيبو انزاجي زميله من نفس الجيل والفريق وبتجربة تدريبية أفضل بنسبة ضئيلة بعد موسم واحد قضاه مع فريق الشباب انقسم حولها جمهور ميلان مابين مؤيد ومعارض .. على المستوى الشخصي وكتقييم استباقي قبل بداية الموسم " اتمنى أن أكون مخطئاً فيه " ذكرت أن تجربة انزاجي التدريبية في ميلان من الصعب نجاحها .. هذا الرأي يستند على نقطتين ، الأولى جوهرية والأخرى ثانوية ليس بالضرورة أن تعمم كقاعدة ثابتة ..


النقطة الأولى هي أن الظروف ليست ملائمة لإنزاجي فلا هو المدرب صاحب الخبرة ولا ميلان الفريق المكتمل المتوفرة فيه كل ظروف النجاح بل العكس تماماً .. والقاعدة التي يجب على بيرلسكوني فهمها هي أن ميلان نقطة وصول للمدرب وليس نقطة انطلاق خصوصاً في الوقت الحالي الذي يحتاج فيه الفريق لمدرب بخبرة كبيرة يعيد فيها شيء من الاتزان لكن الإدارة ليست قادرة على التعاقد مع هذا النوع من المدربين لإرتفاع مرتبهم وليس كما تحاول أن تبرر ذلك ببناء فريق جديد مع مدرب شاب من داخل الميلان ..


أي مدرب مبتدئ يعيش تجربته الأولى يحتاج لأمرين .. إما أن يتدرج مع اندية الدرجات الدنيا أو اندية المؤخرة ثم الوسط وبعدها يستلم تدريب نادٍ كبير أو أن يستلم " دريم تيم " بعناصر هي الافضل في العالم كما حصل لـ ساكي - كابيلو و جوارديولا ، لكن مع الأسف انزاجي يقود فريق بإسم كبير وتاريخ عظيم بحاضر سيء يمر فيه بمرحلة انتقالية مع عناصر محدودة جداً إما بالإمكانيات أو الخبرة ، كل ذلك يصحبه ضغط إعلامي وجماهيري بشكل يومي ومتابعة وتحليل لأدق تفاصيل الفريق وهذا يصعب من مهمة المدرب المبتدئ الذي بلا شك سيرتكب العديد من الاخطاء ليتعلم منها وتزيده خبره لكن الاعلام لن يترك تلك الاخطاء ويحمله الكثير من الضغوطات التي تساهم غالباً بسقوطه ..


النقطة الثانية وهي تعتبر وجهة نظر خاصة من خلال متابعة شخصية للمدربين تكونت لدي قاعدة أن اللاعب المهاجم يفشل غالباً في النجاح كمدرب ويميل اسلوبه للهجوم على حساب الدفاع وكذلك المدافع يغلب عليه الطابع الدفاعي .. بينما انجح المدربين واكثرهم توازناً هم لاعبوا الوسط الذين يسمح لهم مركزهم بأخذ فكرة جيدة عن التنظيم الدفاعي والهجومي بما انهم يشاركوا في الحالتين .. هناك استثناءات بالطبع مثل المهاجمين فيرجسون وهيتسفيلد والمدافعين ليبي وبيكنباور لكن باقي المدربين الذين برزوا ونجحوا بتحقيق التوازن ممن تابعت كانوا لاعبي خط وسط منهم على سبيل الذكر لا الحصر " كابيلو - فينجر - فان جال - هيدينك - مورينيو - جوارديولا - اليجري - كونتي - سيميوني " ..


وكما نلاحظ في بدايات انزاجي فإنه حتى الان يسير على نفس القاعدة بهجوم قوي ودفاع سيء " سجل 13 هدف وتلقى 9 " لكنها البداية والعناصر لا تساعده على ايجاد التوازن ..


كأرقام ونتائج مسيرة انزاجي حتى الان رائعة .. عندما نتحدث عن مدرب جديد مع فريق بعناصر جديدة غير منسجمة في مرحلة انتقالية فإننا نذكر في عهد بيرلسكوني انجح تجربتين في هذه الظروف " ساكي وانشيلوتي " .. ولو قمنا بعمل مقارنة سريعة لأرقام هذا الثنائي مع انزاجي بعد أول 6 مباريات سنجد أن بداية بيبو افضل منهما بـ 3 انتصارات و 11 نقطة وفارق اهداف +4 مقابل انتصارين لساكي و 8 نقاط " بإحتساب الفوز من 3 نقاط رغم أن الحساب وقتها نقطتين " وفارق اهداف +1 وانتصارين لانشيلوتي و 9 نقاط وفارق اهداف +1 ..


نعم الدوري وقتها كان أقوى والخصوم اصعب لكن في المقابل عناصر ميلان حينها كانت افضل من الفريق الحالي بفارق كبير جداً ..


هذه أول نقطة تحسب لانزاجي .. النقطة الثانية مرونته ونجاحه بفرض شخصيته على اللاعبين وكسب ودهم وصنع علاقة مميزة معهم دون أي تحزبات في غرفة الملابس بالإضافة لكسب ود الإدارة رغم التدخلات المستفزة من بيرلسكوني " نقطة سأتطرق لها لاحقاً " حيث بالغ في الاستماع لنصائح الرئيس وهذا ما أثر بشكل واضح على اداء الفريق .. مع الخبرة سيتعلم كيف يوازن بين ارضاء بيرلسكوني وفرض خياراته التكتيكية .. هذه النقطة فشل فيها سيدورف وكانت السبب الرئيسي لإقالته بعد أن انكسرت العلاقة بينه وبين الإدارة في ظرف شهرين فقط لمحاولته فرض اسلوبه على الادارة وهذا ما لا يمكن حدوثه في ميلان تحديداً ..


ومن هنا ادخل للنقاط السلبية للسوبر بيبو .. عندما كان يقود فريق الشباب استخدم دائماً طريقتين " الرئيسية 4-3-3 والثانوية 4-3-1-2 " وعندما بدأ مع الفريق الاول كان يؤكد على أن اسلوب لعبه سيكون 4-3-3 لكن وبعد الاجتماع مع بيرلسكوني خرج بتصريح يقول فيه أنه يحضر الفريق ليكمل الموسم بطريقة 4-2-3-1 والمتابع الجيد يدرك أن هذا الاسلوب يتماشى مع نظرية بيرلسكوني الذي يريد مشاركة كل العناصر الهجومية في تشكيلة واحدة ودائماً ما كرر هذا الطلب من المدربين ولم يتم العمل به ..


قلة خبرة انزاجي تجعله ينفذ تعليمات بيرلسكوني ويعتقد أن مخالفتها تعني اقالته ، في المقابل انشيلوتي بخبرته كان يوازن بين الأمرين كما صرح في وقت قريب عن تجربته مع بيرلسكوني المعروف بكثرة حديثه مع المدربين حيث كان يطلب منه وضع كاكا كمهاجم .. انشيلوتي يقول انه كان في المباريات التي يحضرها بيرلسكوني يطلب من كاكا التواجد اول 5 دقائق كمهاجم ثم العودة لمكانه في الوسط فقط ليلاحظ بيرلسكوني أن تعليماته تم تنفيذها !!


بيرلسكوني لم يكتفي بإيقاف الانفاق على النادي بل اصبح يشكل أزمة حقيقية للفريق بعد تفرغه لميلان وابتعاده عن السياسة ، لا يدعم ولا يترك المدرب يعمل بأريحية .. بعد مباراة اليوفي لام انزاجي على عدم تطبيق تعليماته أي مجاراة وسط اليوفي الأقوى في ايطاليا ومحاولة الضغط عليه وهذا لو تم سيجعل النتيجة من 1-0 إلى اكثر من 4 .. مشكلة بيرلسكوني أنه مايزال يعيش في اوهامه ويتعامل مع الفريق على أن وسطه يضم ريكارد - جاتوزو - البرتيني - دونادوني - سيدورف - كاكا .. الخ !


بدأ انزاجي أول مباراتين بشكل مثالي وحقق انتصارين أمام لاتسيو وبارما اظهر خلالها سرعة بديهة ومرونة تكتيكية وقراءة مميزة لأحداث المباراة ، الكل لاحظ أن الفريق تطبّع سريعاً بشخصية مدربه القتالية الحماسية لكن كل ذلك اختفى بعد أول سقوط امام يوفنتوس .. ظهر الفريق بعدها مشتت مرتبك وفقد 4 نقاط أمام الصاعدين امبولي وتشيزينا حتى امام كييفو كانت الرغبة والروح غائبة وهذه نقطة سلبية أخرى تحسب على انزاجي الذي لم يتمكن من إعادة شحن الفريق معنوياً بعد خسارة مباراة القمة ..


لكن إن تحدثنا فنياً .. البداية المثالية حدثت لأن انزاجي لعب بواقعية حسب امكانيات الفريق بعناصره الحالية " تراجع للخلف وهاجم بالمرتدات " .. ميلان حالياً لا يمكنه أن يلعب بأسلوب غير هذا أي بمعنى أوضح لا يمكنه أن يفرض الضغط في منتصف الملعب ويستحوذ ويبدأ بصنع اللعب لأنه فريق غير متوازن ..


المشكلة تحديداً تكمن في خط الوسط الخالي من اللاعب الفني القادر على بدء الهجمة وإضافة خاصية فنية لخط بدني بحت .. خط وسط ميلان بإصابة مونتوليفو لم يعد به لاعب صالح للإستعمال سوى دي يونج الذي يقاتل وحيداً ويطلب منه التغطية وبناء الهجمة وتمويل المهاجمين في نفس الوقت وهي أمور لا يستطيع أن يفعلها لوحده في ظل تواضع اداء بولي ومونتاري .. والقاعدة المعروفة " خط وسط ضعيف = دفاع مكشوف وهجوم معزول " ..


انزاجي قلل من هذه المشكلة عندما أعاد بونافينتورا للوسط لكن ذلك لا يكفي ، المشكلة ستستمر حتى عودة مونتوليفو وبعدها قد تتحسن الأمور نسبياً ..


في ميلان انزاجي هناك حديث متكرر حول 3 لاعبين " اباتي - هوندا - دي شيليو " في ظل اختلاف عطائهم عن المعتاد إما سلباً أو ايجاباً ..


اباتي طوال مسيرته كان متذبذب الاداء .. عندما كان يلعب كجناح ايمن في امبولي و تورينو أو عندما عاد في ميلان كظهير ايمن وقدم في موسم السكوديتو والموسم الذي يليه أفضل مستوياته رغم بعض الهفوات الفردية الدفاعية لكن ظل دائماً سيء جداً في الكرات العرضية .. مشكلة تغلب عليها هذا الموسم بشكل مفاجئ وأصبح ظهير شبه متكامل .. ظاهرة لا تفسير لها إلا أن اللاعب قد يكون نضج في سن متأخره كالعديد من اللاعبين الايطاليين أو تكون مجرد فورة قد تنتهي في أقرب وقت وهذا ما اخشاه خصوصاً بعد أن ظهر في مباراة اليوفي بمستوى هزيل دفاعاً وهجوماً .. لكن بشكل عام يظل اباتي حتى الان من ابرز لاعبي الفريق إن لم يكن الابرز على الاطلاق وهنا أضع ألف علامة استفهام على تجاهل كونتي له !


هوندا هو القضية الأهم حالياً في ميلان بما أن الجميع يتحدث عنه بعد اهدافه الاربع بأنه تأقلم وانفجر .. الخ ، وسأتحدث بإسهاب عنه بما أن الاسئلة تتكرر لي بعد كل مباراة حول وجهة نظري السابقة في اللاعب والتي لا يمكن شرحها في مساحة تويتر الضيقة ..


فور قدومه لميلان تم تقديمه على أنه نجم كبير سيضيف الكثير وسيكون اللاعب رقم 10 وصانع الالعاب المميز ، حينها كان لي رأي مخالف مبني على أمور فنية بحتة لا علاقة لها بالتسويق الذي تطمح له إدارة الميلان .. قلت تحديداً أن هوندا لن ينجح في الكالتشيو لأنه وبإختصار لا يمتلك الخصائص التي تؤهله لذلك ..


حتى تنجح وتتألق كصانع العاب خلف المهاجمين في الدوري الايطالي وسط التكتلات الدفاعية والمساحات الضيقة والالتحامات القوية يجب أن تمتلك " قوة بدنية - سرعة انطلاق بالكرة - مهارة عالية " .. هوندا يمتلك فقط المهارة ويفتقد القوة والسرعة وعلى ذلك لا يمكنه اللعب خلف المهاجمين وهذا مافهمه سيدورف وانزاجي حيث لم يوضع خلف المهاجمين بل وتم وضع جناح مثل مينيز في هذا المركز وتفضيله على هوندا وهو تصرف سليم بلا شك ..


وضع هوندا على الجناح ابعده عن المعمعة والصراعات البدنية في العمق وهو أفضل مكان قد يفيد من خلاله الفريق في النواحي الهجومية فقط وهذا ماحدث خصوصاً قبل مشاركة توريس عندما كان انزاجي يلعب بهجوم حركي .. هوندا لديه ميزة التحرك القطري والتحرك بدون كرة في المساحات والتمركز واتقان التسديد ، كل تلك الأمور ينفذها بعبقرية وهذا لا يفاجئنا فنحن لا نكتشف هوندا الان ، افضل لاعب في كأس اسيا الاخيرة ومن تابعه هناك وفي بعض مباريات سيسكا موسكو يدرك أنه لاعب ذكي جداً ولديه نظرة مميزة للملعب لكنه بإختصار " الرجل المناسب في المكان الغير مناسب " ..


اهم خاصية للجناح هي السرعة وهذا مايفتقده الياباني لذا لا نشاهد منه اختراقات على الجناح وغالباً يلعب " على الواقف " وهذا الوضع لا يتناسب مع فريق طامح للمركز الثالث إلا إن تم بناء الفريق حوله واصبح محور الاداء وهذا يتطلب لاعب قوي بمهارات استثنائية " رونالدينيو مثلاً " .. أما في المنظومة التكتيكية للفريق هو بلا شك نقطة ضعف واضحة ومؤثرة خصوصاً في مساندة الوسط وتأدية الادوار الدفاعية والانطلاقات الهجومية وهو أمر طبيعي للاعب يفتقد السرعة والقوة البدنية ويفقد الكرة بسهولة تحت الضغط ويخسر معظم الالتحامات البدنية وهذا يسبب احراج للفريق حيث ترتد الهجمة عليه بشكل سهل ومفاجئ للاعبين .. هوندا يحتاج لأن يلعب في دوري اخر يكلف فيه بمهام هجوميه بحتة في مساحات اكبر من الكالتشيو .. على سبيل المثال لو انتقل إلى دورتموند سنشاهد لاعب مختلف 180 درجة ..


كل تلك الامور يتجاهلها الاعلام الايطالي ويتحدث بسطحية عن اهدافه فقط بل ويبالغ احياناً كما تفعل الجازيتا حين تم منحه في تقييم الصحيفة لمباراة كييفو علامة لم تمنح أعلى منها لأي لاعب في مباراة القمة " يوفنتوس × روما " !! بالرغم من أن هوندا لمس الكرة امام كييفو 58 مرة فقط وعدد المرات التي قام فيها بإفتكاك الكرة " صفر " وقدم اداء متواضع ختمه بهدف من ركلة حرة .. !


هوندا في ميلان ببساطة " لاعب مجتهد وليس نجم " وما يقوم به جالياني من دفاع عن اللاعب أمر طبيعي من واجباته كمسؤول عن الفريق خصوصاً مع لاعب أتى مجاناً وبفضله حصل ميلان على عقد رعاية من شركة يابانية و 5 مليون يورو من بيع قمصانه في اليابان ..


لست ضد اللاعب أبداً بل احترمه واقدر انضباطه واجتهاده وحرصه على اثبات نفسه لكن مصلحة ميلان أهم من كل شيء ومعه لن تكتمل المنظومة التكتيكية ولن تصل للوضع المثالي الذي نطمح له خصوصاً في ظل وجود لاعبين بإمكانهم التواجد في مركزه وصنع منظومة افضل مثل مينيز وبونافينتورا " على عكس مونتاري مثلاً الذي يلعب كأساسي لعدم وجود لاعب كفؤ في خانته حالياً !


اتقبل مشاركة هوندا كأساسي امام تشيزينا وكييفو وكبديل امام اودينيزي وسامبدوريا لكن كأساسي دائماً حتى امام يوفنتوس و روما واعتباره سوبر ستار الفريق هذا ما لا يمكن قبوله ، نحن هنا نتحدث عن " ميلان " يجب على الجميع إدراك حجم وقيمة هذا الاسم !

هذه قناعتي في اللاعب ولن تتغير حتى أشاهد لاعب قوي يعود للوسط ويأخذ الكرة وينطلق بها ويراوغ ويمرر ولا يفقدها بسهولة ويشارك بفاعلية في الجانب الدفاعي والهجومي .. أما تقديم اداء سيء يغطيه بهدف أو تمريرة حاسمة فهذه ليست مواصفات لاعب مهم وأساسي يرتدي الرقم 10 في ميلان ..


أخيراً دي شيليو .. فعلياً هذا الموسم الثالث للظهير الشاب ومابين 19 إلى 21 عام فاز بجائزة افضل ظهير ايسر في الدوري الايطالي ثم تعرض لعدد من الاصابات بعدها تذبذب مستواه بين الجيد والمتواضع حتى اصبح الان يقدم اداء سيء بشكل متكرر .. مسيرة طبيعية جداً تحصل لمعظم اللاعبين في بداية المشوار لكن هذا لا يعني الالفتات لبعض الاراء الشاذة التي تطالب بسرعة بيعه والاستفادة من سعره المرتفع " 15-20 مليون يورو " للاعب سيتجاوز سعره مستقبلاً 40 مليون إن وجد البيئة المثالية لتطوير موهبته ..


دي شيليو يمتلك كل مقومات الظهير العصري ويكفي أنه اللاعب الوحيد من مدرسة ميلان الذي اثبت نفسه مباشرة في الفريق الأول منذ البرتيني الذي تم تصعيده للفريق الاول عام 88 ومثله بشكل رسمي عام 91 ! .. هو كما أراه مرشح لأن يكون افضل ظهير ايسر بعد باولو مالديني في ميلان ومايمر به حالياً سببه الاول والاخير الوضع السيء للفريق من كافة النواحي ، فلم يجد فريق قوي ومتكامل يساعده على الاستمرارية في الاداء ولم يجد لاعبين كبار يتعلم منهم باالإضافة لعدم الاستقرار الفني حيث تعاقب على تدريبه 3 مدربين في 3 مواسم ..


لاعب شاب في بداية مشواره يحتاج للمساندة داخل ارضية الملعب بتواجد قلب دفاع قوي بجانبه ولاعبين يساندونه سواء من لاعبي الوسط أو الهجوم " الجناح " .. لأن ذلك يمنحه حرية التحرك وقبل كل شيء يمنحه الثقة ويدفعه لتقديم اداء مميز وثابت .. لكن حالياً معظم المباريات يخوضها بجانبه بونيرا وأمامه مونتاري وهنا لا احتاج لشرح الكثير عن سوء هذا الثنائي ..


دي شيليو قدم افضل مستوياته عندما كان الشعراوي في أفضل حالاته وهو أفضل مهاجم في ميلان في المساندة الدفاعية ، وجوده يضيف الكثير لدي شيليو ويساعده على تقديم اداء جيد بعكس مينيز الأقل منه في هذا الجانب ..


انزاجي يجب أن يهتم بهذا اللاعب ويجد التوليفة المناسبة إن لعب بـ 4-2-3-1 عليه ان يضع امامه دي يونج والشعراوي حتى لا يخسر ميلان والكرة الايطالية ظهير من الصعب أن يظهر لاعب بجودته في السنوات الخمس القادمة على الاقل ..


وبالعودة للحديث عن انزاجي واسلوب اللعب .. في حال اكتمال العناصر وعودة المصابين إن كان يريد استخدام 4-2-3-1 فالأفضل استخدامها أمام اندية الوسط والمؤخرة لأن فيها " اسراف هجومي " .. لوبيز مع رباعي الدفاع اباتي - اليكس - زاباتا - دي شيليو وامامهم الثنائي مونتوليفو - دي يونج في الوسط الدفاعي امامهم بونافينتورا اللاعب الفني الحركي التكتيكي الرائع الذي يعود لمساندة الوسط بتميز ويساند الهجوم بنفس الجودة ، وعلى الجناح الايمن مينيز والايسر الشعراوي لتوفر السرعة والمهارة والقوة وبالتالي مساندة دفاعية وانطلاقات هجومية افضل .. كرأس حربة لا خيار سوى توريس وباتسيني بديلاً له ..

الغريب من انزاجي أنه يريد تطبيق هذا الاسلوب لأنه يشابه اسلوب انشيلوتي مع الريال ! .. كان عليه أن يحاكي اسلوب انشيلوتي مع ميلان بإعتماد 4-3-1-2 أو 4-3-2-1 .. الفوارق التكتيكية كبيرة بين الدوري الايطالي والإسباني ، وانشيلوتي لم يتبع هذا النهج إلا في بلد مختلف بعناصر أفضل بكثير من العناصر الحالية لميلان !


بالنسبة لي وكإختيار شخصي " بالعناصر الحالية " أفضل اللعب بـ 4-3-3 بنفس عناصر الدفاع ودخول فان جينكل مع دي يونج ومونتوليفو والاعتماد على خطة المهاجم الوهمي بخط هجوم حركي لا مركزي بالثلاثي مينيز - الشعراوي - بونافينتورا ..


بشكل عام ما نشاهده حتى الان من انزاجي في تغيير اساليب اللعب وتبديل بعض الاسماء والقيام ببعض الخطوات الايجابية والاخرى السلبية هو أمر طبيعي لمدرب مبتدئ يحتاج لوقت حتى يجد التوليفة المناسبة ولا بد أن يخطئ حتى يتعلم من تلك الاخطاء ، الأمر الايجابي والثابت الذي أظهره حتى الان هو حسن تصرفه مع الادارة واللاعبين ومرونته بتغيير بعض اختياراته إن ثبت أنها خاطئة وعدم الإصرار عليها ..

مالفت نظري خصوصاً في مقابلته الأخيرة عندما تحدث عن الخطأ الذي ارتكبه ولن يكرره بخوض مباريات ودية أمام اندية قوية بدأت استعدادها قبل الميلان وهذا مايكلفه نتائج كبيرة قد تؤثر معنوياً على اللاعبين " من النقاط التي انتقدته عليها في بداية الموسم " لكنه الان يكتشفها ويتعلم منها ولا يصر عليها وهذا مؤشر ايجابي ..


موسم اخر للتجربة قد يغيب فيه ميلان مجدداً عن دوري الأبطال رغم بدايته المميزة " كأرقام " فقط لكن قد تخدمه حالة عدم الاستقرار التي تمر بها الاندية المنافسة على المركز الثالث في دوري يضم طرفين ثابتين " يوفنتوس و روما " والبقية مابين الجيد والمتواضع لكن ومع الأسف مازلنا بحاجة للوقت حتى نشاهد ميلان بوضعه الطبيعي بإستقرار فني وإداري لا أراه ممكناً على الاقل في هذا الموسم .

الجمعة، 27 يونيو 2014

ايطاليا .. في الخروج كلكم مذنبون .. !




24 يونيو 2010 : ايطاليا تخسر من سلوفاكيا 3-2 وتودع كأس العالم من دور المجموعات .. بعد 4 سنوات وفي نفس اليوم 24 يونيو 2014 : ايطاليا تخسر من اوروجواي 1-0 وتودع كأس العالم من دور المجموعات ايضاً ! .. من يشاهد هذه المسيرة يجزم أن المنتخب الايطالي انهار ووصل لأدنى المستويات لكن في الوقت ذاته يتراجع عندما يتذكر أن بين البطولتين وصل لنهائي بطولة امم اوروبا ! .. تناقض غريب لكنه معتاد في الكرة الايطالية المليئة بالتناقضات ..



بعد الاخفاق من السهل رمي التهم والتنظير واتهام الجميع بالفشل والحديث عن مدرب سيء ولاعبين متواضعين مضخمين اعلامياً ، في المقابل من السهل الدفاع واعتبار ماحدث مجرد عثرة لم تكن لتحدث لو سجل بالوتيلي الانفراد امام كوستاريكا .. لكن في الواقع ماحدث هو فشل مشروع اشترك فيه الجميع وفي اسوأ الاحوال كان بالإمكان اظهاره بشكل اقل سوء مما شاهدنا في البرازيل ، بالإضافة إلى امور طبيعية لا يملك احد تغييرها ..



اول وأهم اسباب ازمة المنتخب الايطالي هي " الطبيعة " .. ببساطة لا توجد مواهب شابة استثنائية وتحديداً في خط الدفاع .. هناك اسماء مميزة من الممكن العمل عليها وتطويرها لكن من المستحيل لا بالمال ولا بالفكر أن يتم تحويل دي شيليو إلى مالديني - انسيني إلى سينيوري - ايموبيلي إلى باولو روسي .. الخ ، كل جيل تبقى له خصوصيته بعيداً عن المقارنات الغير مجدية والتي تقتل اللاعبين الشباب .. في المقابل لا يمكن بعد أول اخفاق أن نقول عن فيراتي وزملائه انهم فقاعات صنعها الاعلام !! الواقعية مطلوبة وتحديداً في تقييم اللاعبين الشباب ..


ايضاً هناك ازمة ثقة بين الاندية الايطالية واللاعبين الايطاليين الشباب نشأت بعد عدة رهانات خاسرة وسوء لتقييم المدربين لها جعلت الاندية تفضل الرهان على اسماء متواضعة من امريكا الجنوبية بينما تموت العديد من الاسماء الشابة في غياهب الدرجة الثانية ، واكبر مثال على ذلك فيراتي الذي اعتبر المبلغ المطلوب لبيعه من بيسكارا " 13 مليون يورو " ضرب من الجنون ولم يفكر كبار الكالتشيو بدفعه لكن عندما برز وتألق مع PSG اصبح هناك استعداد لدفع اكثر من هذا المبلغ لأجله .. والسؤال ، لولا زيمان أين سيكون فيراتي - انسيني - ايموبيلي الان ؟ وكم من موهبة على غرار هذا الثلاثي مازالت تنتظر زيمان اخر يبرزها للطليان ؟!


عندما ننظر إلى بدايات الجيل الذهبي الاخير للكرة الايطالية نجد أنهم فازوا ببطولة امم اوروبا تحت 21 عام ثلاث مرات متتالية مع المدرب الكبير تشيزاري مالديني .. تلك الالقاب كان ابطالها " بوفون - تولدو - نيستا - كانافارو - توتي - دل بييرو - فييري - انزاجي .. والقائمة تطول " .. هذه الاسماء إضافة إلى امكانياتها الاستثنائية وجدت الدعم من الاندية وفُتح لها المجال من قبل المدربين لكن عندما نشاهد اخر جيل شاب لإيطاليا تألق في اليورو تحت 21 عام ووصل لنهائي البطولة الماضية عام 2013 نجد منهم " فيراتي - فلورينزي - انسيني - ايموبيلي - بوريني .. الخ " فقط اسماء في الوسط والهجوم تواجدت في دوري الدرجة الاولى بينما لاعبو الدفاع مازالوا في جروسيتو - امبولي - تشيزينا - تشيتاديلا وغيرها من اندية الدرجة الثانية ! قد تكون موهبتهم اقل من المطلوب لكن بلا شك هناك اسماء اجنبية في دوري الدرجة الاولى وحتى مع الاندية الكبيرة اقل منهم بكثير !


هناك مراكز تقوم عليها طريقة لعب برانديلي وتحديداً في الاطراف " الظهيرين - الجناحين " .. في يورو 2012 نجح مع ماجيو وبالزاريتي وكلاهما في سن الـ 30 لكن بعد سنتين اختلف الوضع وعانا من اصابات وتراجع في الاداء .. من أين يأتي بظهير وايطاليا بأكملها لا تمتلك سوى دي شيليو الذي بدوره اصيب ولم يعد إلا في المباراة الاخيرة ؟! .. فقط في هذه النقطة اجد بعض العذر له لكن هذا لا يلغي الاخطاء الكارثية التي وقع بها منذ البداية ..


لماذا خسر برانديلي في اسبوعين مجموع ماخسره منذ توليه مهمة تدريب المنتخب في اكتوبر 2010 ؟!


اولاً / تغيير هوية اللعب : الاتحاد الايطالي وبرانديلي حاولا محاكاة الاسلوب الاسباني باللعب الهجومي والاعتماد على الاستحواذ .. ايطاليا تخلت عن هويتها التكتيكية الواقعية في وقت اقتبست فيه منتخبات عرفت بالنهج الهجومي الاسلوب الواقعي الايطالي ! .. من هنا نشأت المشكلة حينما وجد اللاعبون ادوار وطريقة لعب في المنتخب تختلف عما اعتادوا عليه في انديتهم ، ضاعت الهوية فظهرت ايطاليا مشوهة ..


ثانياً / اختيار مكان المعسكر : برانديلي اختار " مانجاراتيبا " مقراً لإقامة المنتخب بها وهي قرية تقع في جنوب البرازيل بينما تقام مباريات ايطاليا في شمالها مما اضطره لقطع 13 الف كلم في المباريات الثلاث وهو ما انتقده عليه الاعلام قبل البطولة وبعض الخبراء مثل اليساندرو التوبيلي الذي وصف ذلك بالأمر الغريب والمؤثر بدنياً وذهنياً على اللاعبين .. نتيجة ذلك مع حرارة ورطوبة الاجواء في البرازيل شاهدنا منتخب غير قادر على الركض في الشوط الثاني ..




ثالثاً / تخبطات برانديلي التكتيكية : طوال مشواره التدريبي لعب برانديلي بأسلوب واحد " 4-3-3 " لكن عندما وصل للمنتخب خرج بتصريح غريب يطالب فيه اللاعبين بأن يكونوا مستعدين لتطبيق 7 خطط ! .. في السنوات الاربع الماضية لم نشاهد المنتخب الايطالي يلعب 3 مباريات متتالية بأسلوب ورسم تكتيكي واحد .. بل وشملت التغييرات العديد من الاسماء ، احياناً للإصابات وتراجع الاداء دور لكن التغيير في العناصر بين اليورو - القارات والمونديال شيء غير معقول !


في كل مباراة هناك طريقة لعب واحياناً العناصر لا تناسب تلك الطريقة .. مثلاً مباراة اوروجواي ، بالغ برانديلي بالتحفظ ولعب بتشكيلة لا تضم لاعب واحد يمتلك السرعة ، كيف بإمكانه أن يصنع هجمة مرتدة في وقت كان يمتلك على الدكة تشيرتشي وانسيني ؟ .. خطأ اخر ارتكبه وهو البداية برأسي حربة داخل المنطقة ومع الاسف كانا معزولين تماماً في ظل غياب لاعب يربط الوسط بالهجوم حيث الجميع بخصائص دفاعية اكثر منها هجومية .. كذلك اشراك فيراتي مع بيرلو وهي مسألة راهنت على فشلها قبل المونديال وسط اعتراضات البعض وبالفعل ثبت أن هذا الثنائي لا يمكن أن يجتمع في تشكيلة واحدة ، زحمة في الوسط وتداخل للأدوار مع هجوم معزول ودفاع مكشوف يغلف ذلك حالة بدنية وذهنية سيئة لذلك شاهدنا اداء بطيء عقيم بحلول معدومة .. حتى التغييرات كانت سيئة ، دخول لاعبي ارتكاز ومهاجم بطيء " كاسانو " ! اسوأ مباراة في مشوار برانديلي التدريبي ..


رابعاً : غياب الروح .. تاريخياً اشتهر المنتخب الايطالي بالروح والقتالية بما يعرف بـ " الجرينتا " ، كانت العلامة المميزة للاتزوري عن باقي المنتخبات وبفضلها قهر ظروف وخصوم اقوى منه والامثلة عديدة ومعروفة .. بدون رغبة وقتالية لا يمكن لأي مجموعة أن تفوز وتزيد هذه الاحتمالية عند ايطاليا بالذات .. ما اتضح بعد الخروج من مشاكل وانقسام في غرفة الملابس وفشل برانديلي في السيطرة على الوضع أوضح سر غياب الروح التي لم تظهر إلا في مباراة انجلترا وهذا النوع من المباريات كما يقول بوبان تحفز اللاعبين تلقائياً دون الحاجة للمساعدة من أحد ، بينما امام كوستاريكا واوروجواي شاهدنا لاعبين غير متحدين يلعبون بلا رغبة وهذا من اهم اسباب السقوط .. نقطة يتحملها برانديلي اولاً ثم اللاعبين وتحديداً بعض العناصر المعروف عنها قلة الانضباط واللامبالاة وعدم تحمل المسؤولية ..

انقسام في غرفة الملابس - تمرد لاعبين وتدخل اخرين في التشكيلة - توتر وتغييرات متكررة في التشكيلة واسلوب اللعب كل تلك الامور كشفت جانب سلبي في شخصية برانديلي ..


هذه النقاط الاربعة برأيي كانت اهم عوامل الخروج المفاجئ من الدور الاول .. المشروع والمواهب وازمة الاندية لها تأثير لكنها بلا شك ليست مبرر للخروج في مجموعة تأهلت منها كوستاريكا التي لا تملك مواهب خارقة ولا اندية قوية ولا اموال ..


إجمالاً .. ايطاليا سقطت في المونديال لكن ايضاً سقطت اسبانيا وانجلترا والبرتغال بمواهبها وانديتها واموالها ، الخروج لا يجب أن يكون نقطة نهاية بل يجب اعتباره نقطة بداية للمدرب الجديد الذي سيجد امامه عدد من الاسماء الجيدة جداً والتي بإمكانها تكوين منتخب محترم يعيد لإيطاليا شيء من هيبتها في المونديال القادم ، على أمل ان تحمل السنوات القليلة القادمة مفاجآت بظهور مواهب حقيقية تعيد الاتزوري لمكانه الطبيعي على منصات التتويج ..


ايطاليا يجب أن تعود أولاً لهويتها .. اللعب الواقعي وتكوين منظومة دفاعية صلبة " مهما كانت الاسماء " مع بناء هجمات مرتدة سريعة ، اما اسلوب الاستحواذ فله مدارسه وبلدانه .. نقطة يجب أن يعيها الطاقم الإداري والفني الجديد للمنتخب ..


سيريجو - دي شيليو - رانوكيا - فيراتي - جورجينيو - انسيني - ايموبيلي - ديسترو وربما الشعراوي و بيراردي .. اسماء تستحق الاهتمام ويمكن أن يتم عليها بناء منتخب شاب جديد لن يصل لمستوى جيل 2006 لكن يمكنه مقارعة منتخبات 2014 فـ كرة القدم تغيرت ومانشاهده في المونديال الحالي امتداد لما شاهدناه من اتلتيكو مدريد و بوروسيا دورتموند ، كرة القدم اصبحت لعبة جماعية يتغلب فيها من يمتلك منظومة تكتيكية قوية لا من يمتلك اسماء رنانة .


الثلاثاء، 10 يونيو 2014

علاقة 12 عام تنتهي بـ " ايميل " .. !






رسمياً اعلنت ادارة الميلان عن اقالة كلارنس سيدورف من تدريب الفريق بعد فترة قصيرة جداً من استلامه المهمة ، اقالة توقعتها شخصياً في مقال سابق عند اعلان تسليمه مهمة تدريب الفريق ذكرت فيه تحديداً " مشوار سيدورف مع ميلان سينتهي بإقالة " .. في الواقع لم أكن اتصور انها ستتم بعد 4 اشهر فقط بل في الموسم المقبل وبطريقة افضل مما حدث ..


بيرلسكوني في تصريح سابق : " سيدورف بطل عظيم ، أود رؤيته في ميلان حتى يصل لسن الخمسين " ! .. الكل يعرف مدى اعجاب بيرلسكوني بالنجم الهولندي وثقته الكبيرة فيه ، يوضح ذلك مدة العقد الذي تم منحه لسيدورف عند التعاقد معه .. ولكن ، ما الذي حدث وتسبب بإنهاء علاقة الحب بتعامل جاف وإقالة بـ " ايميل " ! وانهاء الثقة بعد 4 اشهر فقط ؟!


لو قمنا بتحليل الموضوع من البداية سنجد أن مايحدث الان هو نتاج انقسام اداري نشأ منذ قدوم باربرا التي بمجرد وصولها لإدارة الميلان بدأت بحرب كبيرة ضد جالياني انهاها بيرلسكوني ودياً بوضع كل طرف في مجال بعيد نوعاً ما عن الاخر ..


سيلفيو - باربرا - جالياني .. من منهم الاقرب للفريق والاكثر متابعة ودراية بكل تفاصيله ؟ بالتأكيد جالياني ، بينما بيرلسكوني ظل بعيداً لسنوات لا يعرف إلا الامور الظاهرية ولا يقوم بزيارة الميلانيلو إلا في ايام معدودة من الموسم ، كذلك الحال لباربرا التي ظهرت فجأة ولا تملك أي مؤهلات لتقييم امور الفريق لذا تم ابعادها لاحقاً وتكليفها بالأمور المالية ..


جالياني لم يكن مقتنع بإقالة اليجري ومع ذلك وافق على أن تنتهي العلاقة معه في نهاية الموسم بعد أن لاحظ استحالة الاستمرار مع رفض الرئيس المتكرر له .. جالياني فقط كان ضد تعيين سيدورف وكان يفضل عليه دونادوني وانزاجي .. بمتابعته واطلاعه على تفاصيل الفريق وعلمه التام بشخصية سيدورف كان يرى ان هناك شيء يجعله الشخص الغير مناسب وفعلاً ماحدث لاحقاً في الـ 4 اشهر اثبت ذلك ..


سيدورف كان لاعب عظيم بإمكانيات غير عادية لكن واجه مشاكل عديدة في معظم محطاته الكروية اثرت على استمراريته وكان يتنقل بإستمرار ، كذلك الحال مع المنتخب وهذا يفسره زميله في المنتخب الهولندي فان در سار بأن كلامه الكثير في غرفة الملابس سبب له عدة مشاكل مع المدربين ..


سيدورف ذكي ويفهم كرة القدم لكن لديه قناعة بأنه لا يخطئ ومن حقه التدخل في عمل الاخرين ، في المقابل يرفض التدخل في عمله .. من هنا نشأت المشكلة وماذكره تقرير لاجازيتا من حقائق يكشف سر تردي العلاقة بين الادارة والمدرب .. فلا يمكن أن تأتي للمساعد وتطلب منه عدم التدخل وتخبره بأن تعليماتك لا توجه له بشكل مباشر وإنما ترسل له عبر الايميل - تذهب لمقابلة الكورفا والمستثمرين وتخرج في مقابلات اعلامية ، كل ذلك دون علم الادارة .. هذا ماظهر في الاعلام وربما تغيب عنا تفاصيل اكثر سوء ..


الامر لم يقتصر على الادارة فقط بل حتى غرفة الملابس .. ماسمعناه من تقارير اعلامية متكررة حول توتر العلاقة والانقسام في الفريق بين مؤيد لسيدورف ومعارض له اتضح بعد تصريحات بعض اللاعبين حوله اخرهم دي شيليو الذي كشف عن أن سيدورف لم يكن يستمع لهم ..


سيدورف أراد أن يعمل بطريقة المدير الفني المتبعة في انجلترا ولم يدرك حجم الاختلاف بين الثقافة الانجليزية والايطالية بالرغم من أنه قضى معظم مشواره الكروي في ايطاليا وكان من الواجب عليه الالتزام بمبادئ وقواعد الميلانيلو " اعظم مركز تدريبي في العالم " .. قوانين التزم بها قبله مدربين عظماء ولا يعتبر ذلك ضعف شخصية او قلة ثقة بل ذكاء ومرونة اجمع عليها عمالقة امثال كابيلو - ساكي - تراباتوني عند حديثهم حول اهمية تحلي المدرب في ايطاليا بمرونة في تعامله مع ادارات الاندية وإلا سيخسر منصبه بسهولة ..


لو كان الامر يتعلق بالأمور الفنية بلا شك ستجد الادارة العذر لسيدورف وتمنحه الفرصة لموسم اخر لكن ماحدث اكبر من ذلك .. لم يكن هناك مجال للعمل بين ادارة ومدرب يعمل كلاً منهم بأسلوب وفكر مختلف تماماً عن الاخر .. وعلى ذلك نشأ شرخ في العلاقة انهى مسيرة سيدورف بشكل مبكر يتحمل منه جزء كبير بقبوله المهمة في وقت سيء وظروف سيئة ثم اصطدامه مع الادارة ، في المقابل تتحمل الادارة ايضاً مسؤولية ماحدث نتيجة انقسامها وعشوائيتها وهذا مايوضحه تراجع بيرلسكوني عن رأيه واعترافه بالخطأ لأول مرة في تاريخه عندما قال : " استعجلت في اقالة اليجري " .. كلمة لا تعكس رغبته في المدرب التوسكاني بقدر خيبة امله مما حدث مع سيدورف ..


اذاً الاقالة لا تتعلق بالأمور الفنية والتي لم يقنع فيها سيدورف كذلك ، نتذكر كيف وصل ليوناردو بالفريق إلى دوري الابطال لكن ذلك لم يحميه من الاقالة بسبب صدامه مع بيرلسكوني .. في المقابل انزاجي لن يقال بطريقة سيدورف كونه يعرف كيف يتعامل مع الادارة بمرونة ، يحاول ان يطرح عليهم افكاره ويتقبل افكارهم بطريقة ودية كما كان يفعل انشيلوتي المدرب صاحب اطول مسيرة تدريبية مع بيرلسكوني والذي خاض معه سيدورف اطول مسيرة في مشواره كلاعب ، كل ذلك يعود لشخصيته المميزة المرنة وحكمته في ادارة الامور بالعقل بعيداً عن العناد وفرض الرأي وهذا ما أكده مؤخراً في اول مواسمه مع الريال ..


هناك من يتحدث عن نتائج مميزة ومسيرة ناجحة لسيدورف اثناء تدريبه لميلان وهذا غير صحيح .. ميلان معد بدنياً بطريقة تمكنه من الاحتفاظ بمعدل لياقة عالي في الدور الثاني الذي تفقد فيه معظم الاندية هذه الميزة وتحديداً اندية القسم الثاني من الترتيب والتي لا تعتمد إلا على العامل البدني .. معظم نتائجه الايجابية أتت امامها ..


بالأرقام : مع سيدورف لعب ميلان 22 مباراة - فاز 11 - تعادل 2 - خسر 9 - سجل 28 - دخل مرماه 26 هدف ..


مع سيدورف اقنع الفريق في مباراتين او ثلاث فقط ، عدا ذلك حتى وإن فاز لم يكن يمتلك هوية واضحة في الملعب ولا اسلوب تكتيكي .. فريق بطيء يستحوذ دون خطورة على المرمى - دفاع مكشوف وهزيل - تراجع كبير في اداء وتقييم كل العناصر بلا استثناء بفضل غياب الانضباط التكتيكي ، فقط .. برز بشكل واضح وصنع الفارق من اعتمد على فردياته واعني هنا عادل تاعرابت !


إن كان ميلان مع سيدورف في الدور الثاني قد حل ثالثاً بعدد النقاط " 35 نقطة " فالموسم الماضي في الدور الثاني حل ثانياً خلف يوفنتوس بنقطة واحدة فقط بعد أن جمع 42 نقطة ويوفنتوس 43 ..


الضعف التكتيكي اتضح عندما واجه ميلان اندية حاضرة بدنياً وتملك مدربين مميزين تكتيكياً .. لا نتحدث هنا عن اندية لديها عناصر افضل مثل يوفنتوس - روما - نابولي ولو ان الفريق كان بإمكانه الظهور امامهم بشكل افضل لكن أن يخرجك اودينيزي من الكأس في ملعبك ويكرر فوزه عليك في الدوري - يسقطك بارما في سان سيرو بالأربعة - تخسر ذهاباً واياباً في دوري الابطال امام فريق واحد حتى وإن كان هذا الفريق بطل اسبانيا و وصيف اوروبا فهذا يوضح ان هناك خلل ما ..


ميلان في اخر 20 عام خسر في دوري الابطال ذهاباً واياباً امام فريق واحد مرتين فقط .. مع ليوناردو امام مان يونايتد ومع سيدورف امام اتلتيكو مدريد .. عن أي نتائج مميزة ومسيرة ناجحة نتحدث ؟!


هذا الخلل الفني والتكتيكي أمر بديهي متوقع ولا يمكن أن يحدث عكس ذلك .. فلا الوقت ولا الظروف كانت ستساعد أي مدرب اخر فكيف بمدرب يعيش اسابيعه الاولى في هذه المهنة المعقدة !


بإختصار .. الادارة اخطأت واستعجلت بتعيين سيدورف وهو اخطأ باساءته التصرف وعدم التزامه بالقواعد المطلوبة والتي لو التزم بها لحافظ على مقعده موسماً اخر كان سينتهي بالإقالة ، فالميلان بحاجة لمدرب بإمكانيات افضل بكثير من سيدورف وانزاجي وقبل ذلك بحاجة لعناصر افضل من انصاف اللاعبين المتواجدين حالياً ..


اختم بتصريح " الصريح " بوبان وتقييمه لهذه التجربة : " تجربة سيدورف التدريبية لم تنجح وهذا أمر متوقع ، كان خياراً سيئاً لميلان واسوأ لسيدورف .. رائع كلاعب ورائع كشخص يفهم كرة القدم لكن كمدرب بحاجة للوقت وقد ينجح في المستقبل " .



















الجمعة، 28 فبراير 2014

الدوري الأفضل في العالم ، جدلٌ لا ينتهي .. !




لا يكاد يمر موسم دون أن يعود الجدل القائم منذ عدة سنوات وتحديداً عام 2005 حول الدوري الافضل في العالم .. والمقارنات تتم دائماً بين محبي اكبر ثلاث بطولات دوري في العالم " الدوري الايطالي - الاسباني والانجليزي " ولكل فئة مبررات وعوامل تستند عليها لتأكيد افضلية الدوري المفضل بالنسبة لها بالرغم من أن الاعلام بات يستبعد الكالتشيو ويحصر المنافسة بين البريمير " الذي يعتبره الافضل " ثم الليجا .. والان تعود المقارنة من جديد خصوصاً بعد النتائج المخيبة للأندية الانجليزية في ذهاب الدور ثمن النهائي لدوري الابطال ..

محب الكالتشيو يرى في التكتيك العالي وتقارب المستويات وصعوبة كل مباراة حتى تلك التي تجمع المتصدر بمتذيل الترتيب عامل مهم يتفرد به الدوري الايطالي الذي يعتبر الاصعب بلا شك بين باقي البطولات ، بينما يرى محب الليجا سيطرة نجومه على جوائز الفيفا والمتعة التي يقدمونها مع تواجد اهم مباراة في العالم حالياً " برشلونه × ريال مدريد " عامل يكفي الدوري الاسباني لأن يكون الافضل وهو فعلاً اكثر دوري يقدم " استعراض " كروي ، اما محب البريمير ليج يتغنى بالاثارة والرتم السريع الذي يميز مباريات الدوري بلا استثناء بالإضافة للملاعب الحديثة والزخم الاعلامي الهائل الذي يحظى به دوري الانجليز وهي ميزة لا ينكرها أي متابع ..

من خلال هذه العوامل و " القناعات " نشأ جدل لن ينتهي ، تتمسك فيه كل فئة بقناعاتها ومعها لا يمكن أن يصل الجميع لنقطة اتفاق حول هذا الامر فالموضوع بات قناعة واختلاف اذواق .. ولكن !


ماذا لو نظرنا للجانب الاخر وقمنا بمقارنة بين وضع وقيمة ومستوى كرة القدم حالياً مقارنة بالسابق وتحديداً قبل منتصف الالفية الجديدة ؟ بلا شك سنجد اختلاف كبير وتراجع هائل على كافة الاصعدة فلا المواهب باتت بنفس الجودة ولا مساحة التنافس ممتدة بين عدة اندية أومنتخبات حتى المتعة الحقيقية غابت عن معظم مباريات اهم وأقوى بطولتين في العالم " كأس العالم - دوري ابطال اوروبا " ..

نظرة ومقارنة سريعة لو قام بها أي متابع بين كأس العالم 2010 في جنوب افريقيا وكأس العالم 1998 في فرنسا سيجد المقارنة معدومة بين البطولتين فنياً وتنافسياً وانتشار النجوم بين معظم المنتخبات المشاركة في البطولة الذي تميز به مونديال 98 ..

وكذلك الحال بالنسبة لدوري ابطال اوروبا الذي بات يقدم مباريات متواضعة اتسعت فيها الفروقات وانعدم فيها التنافس ولم نعد نشاهد دور كامل متكافئ إلا في نصف النهائي ، ومانشاهده هذا الموسم في دور الـ 16 من مستويات متدنية وغياب تام للإثارة والتكافؤ تأكيد على ذلك ..




هذا التراجع لا بد أن تكون له اسباب توضح أن هناك خلل ما .. ولو نظرنا لكل دوري سنجد له عيوب تمنعه من الانفراد بالأفضلية وبالإجماع .. مثلاً :  الكالتشيو جودة انديته تراجعت بسبب الازمة الاقتصادية ولم يعد الوجهة الاولى للنجوم ولم يعد بإمكانه المحافظة على نجومه بالإضافة لتراجع مردود انديته اوروبياً .. جالياني لخص حال الكالتشيو بكلمات بسيطة : " الكالتشيو تحول من مطعم فاخر إلى مطعم بيتزا " ..

الليجا يمكن اعتبارها بطولة " كأس " لا دوري لأن البطل غالباً يتم تحديده من خلال مواجهتي الكلاسيكو .. فريقان فقط ينفردان بالمنافسة و 90% من مبارياتهما تنتهي مع نهاية الشوط الاول وبرقم قياسي من الاهداف وينهيا الموسم برقم قياسي من النقاط يتجاوز الـ 100 نقطة .. عن ذلك يقول شوستر : " الليجا بطولة مكونة من فريقين ونصف " ..

 بينما نلاحظ في البريمير ليج التراجع الكبير في مردود انديته في دوري الابطال خلال الفترة الحالية وفي اليوروبا ليج طوال العقد الماضي وهو مايؤكد تواضع اندية الوسط هناك كما أن انديته تستقطب النجوم دون تطويرهم ، نظرة على الفائزين بالكرة الذهبية او الحذاء الذهبي " سابقاً " تؤكد هذا الامر ..  يقول روي كين : " الدوري الإنجليزي أفضل علامة تجارية لكنه تراجع كثيراً ، سيطرت على عقولنا فكرة أن الدوري الإنجليزي الممتاز هو الأفضل في العالم لكن هذا هراء"  ..

مما سبق يتأكد لنا عدم الجزم بمقولة " الدوري الافضل " وأن الموضوع غير محسوم لمصلحة دوري معين بعكس ماكان عليه الحال منذ بداية الثمانينات وحتى منتصف الالفية تقريباً حيث لم يكن هناك أي نقاش حول هذا الموضوع ، بالإجماع كان الدوري الايطالي هو الافضل وحتى محبي البريمير والليجا ممن عاشوا تلك الحقبة وخصوصاً التسعينات يدركون أن الكالتشيو كان يغرد خارج السرب ..

لماذا نجح الكالتشيو في التفرد بالأفضلية لأكثر من عقدين وفشل غيره ؟ ولماذا وصلت كرة القدم لأفضل مستوياتها عندما كان الكالتشيو الافضل وتراجعت بتراجعه ؟!

لإيطاليا خصائص تتفرد بها عن البقية ، هي المعقل الحقيقي لكرة القدم حيث العمل الاستثنائي والتركيز على ادق التفاصيل دون ترك شيء للصدفة .. لذا تعتبر ايطاليا الاكمل كروياً فهي البلد الوحيد الذي امتلك منتخب كبير ضمن افضل 3 منتخبات في العالم - دوري قوي ضمن افضل 3 دوريات في العالم مع تاريخ مرصع بالألقاب للمنتخب والاندية - انجبت لاعبين اساطير في مختلف المراكز - اكبر بلد مصدّر للمدربين الكبار .. تلك المنظومة لم تكتمل من فراغ ..

ليس من باب الصدفة ان تكون ايطاليا البلد الوحيد الذي حقق 4 كؤوس عالم بعناصر جميعها تلعب في الدوري المحلي !

وهذه اول ميزة للكالتشيو .. لم يعتمد على الاجانب بشكل مبالغ فيه كما هو حال البريمير ليج مثلاً والذي لا تتجاوز نسبة اللاعبين الانجليز فيه 25% ..

الميزة الثانية تطوير اللاعبين .. يعتبر الكالتشيو البيئة الامثل لتطوير المواهب ، من لعب فيه يدين بالفضل له دائماً مؤكداً انه تعلم الكثير هناك وبأنه المقياس الحقيقي للنجومية .. قد تكون شهادة الطليان مجروحة في دوريهم المحلي لكن ماذا عن النجوم الاجانب الذين لعبوا في ايطاليا ؟





العديد من التصريحات يتم تداولها ويعرفها الجميع وللإختصار سأذكر منها تصريح واحد لقائد منتخب المانيا الفائز بكأس العالم 90 ..

ماتيوس : " في ايطاليا اصبحت افضل لاعب في العالم ، إذا اراد أي لاعب تحقيق ماحققته انصحه باللعب هناك " .

هذه عينة بسيطة من عدة اعترافات ادلى بها نجوم كبار كثر حول ما اضاف لهم الكالتشيو وساهم بنضجهم وتطورهم فنياً - ذهنياً - بدنياً وحتى على المستوى الشخصي .. تلك الخاصية مازالت في الكالتشيو رغم تراجعه حيث لم يعد ببريق الماضي لعجزه عن الاحتفاظ بنجومه او استقطابهم من الخارج ، على سبيل المثال يقول لويس فيجو المنتقل للإنتر عام 2005 : " لم اتصور الكالتشيو بتلك القوة ، التدريب هناك يختلف عن اسبانيا بمقدار 0 إلى 10 " .

ويقول برينس بواتينج : " الاعلام كان يتحدث عن أن الدوري الانجليزي الاكثر قوة والاسباني الاكثر مهارة لكن وجدت الميزتين في الكالتشيو " .

بينما لا ينكر مورينيو فضل الكالتشيو : " في ايطاليا تعلمت الكثير تكتيكياً ، هناك عندما اقوم بإراحة لاعب واحد في المياتزا اعاني وقد افشل بالفوز بينما في تشيلسي خارج الستامفورد بريدج اقوم بإراحة 6 لاعبين وافوز " .

في ايطاليا ينضج اللاعب بفضل الإعداد البدني والذهني الغير عادي المتبع هناك  ، تراباتوني في تصريح قبل عدة ايام يقول : " الكالتشيو ليس الاجمل ولكنه الاقوى والاصعب فنياً ونفسياً " .. هناك يواجه المهاجم خطط دفاعية معقدة تساعده على التطور وكذلك المدافع يتواجد ضمن منظومة دفاعية محكمة تساهم في تطوير قدراته وكل ذلك يتطلب موهبة قبل كل شيء ، وبشكل عام الطرق التكتيكية المعقدة والمنوعة في ايطاليا وطرق التدريب والتحضير البدني والنفسي امور تساهم في تطوير اللاعب بطريقة لا يمكن أن يجدها في مكان اخر .

في ايطاليا لا ينضج اللاعب فنياً فقط .. الحديث والجدل الاعلامي والضغوطات تستمر طوال الاسبوع بينما في مكان اخر الحديث يبدأ قبل المباراة بيوم وينتهي بعدها بيوم ، عامل اخر يساعد على نضوج شخصية اللاعب كما انه يصنع اثارة مضاعفة للدوري .

هناك انطباع لدى الكثير عن أن الكالتشيو كان مجرد دوري دفاعي وهذا الامر غير صحيح ومأخوذ من خلال اداء المنتخب الايطالي الذي يميل للدفاع .. لكن مايميز هذا الدوري تعدد اساليب اللعب وهو مايضيف عليه جمالية اكبر .. هناك اندية " تاريخياً " تميل للأسلوب الدفاعي مثل يوفنتوس - انتر واندية تميل للاداء الواقعي بالإنضباط التكتيكي مع اداء هجومي مثل ميلان وهناك من يميل للعب الاستعراضي الهجومي مثل روما - فيورنتينا وسابقاً لاتسيو - بارما .. لذا عندما وصف مارادونا ايطاليا في الثمانينات والتسعينات بأنها جنة كرة القدم اضاف نقطة غاية في الاهمية : " كل جولة في الكالتشيو كانت بمثابة جولة في كأس العالم " ..

كل تلك الامور جعلت الكالتشيو الافضل بلا منازع لأكثر من 20 عام قبل الازمة الاقتصادية والنتائج تثبت ذلك .. ويمكن أن نلخص ابرز ما كان يميز الكالتشيو عندما كان الافضل في العالم في بعض النقاط ..







اولاً / المنتخب الايطالي في تلك الفترة : بطل العالم مرتين - الوصيف والثالث مرة .

ثانياً  / الاندية الايطالية تألقت في اوروبا " 14 مرة في نهائي دوري الابطال - 10 مرات في نهائي كأس الاتحاد - 6 مرات في نهائي كأس الكؤوس " .

ثالثاً  / السيطرة على جوائز الفيفا والاتحاد الاوروبي : 8 حذاء ذهبي " افضل لاعب في العالم " و 15 كرة ذهبية " افضل لاعب في اوروبا ..

رابعاً  / حدة التنافس والتقارب النقطي حيث اشتهر الكالتشيو حينها بمصطلح " الاخوات السبع " إشارة لوجود 7 اندية قوية تنافس على الالقاب وهي " ميلان - يوفنتوس - انتر - روما - لاتسيو - فيورنتينا - بارما " وقبل ذلك كان هناك نابولي وسامبدوريا .. تلك الفترة توجت 8 اندية بالسكوديتو وهذا يوضح اتساع رقعة التنافس ..

خامساً  / حسن التصرف في التعاقدات .. الاندية الايطالية تبني فرقها على المدى البعيد تدريجياً وفق أسس واضحة ومنظمة دون تعاقدات عشوائية كما تفعل معظم الاندية الانجليزية والاسبانية في الوقت الحالي خصوصاً تلك التي تملك المال حيث يتم شراء 3 او 4 لاعبين موهوبين في مركز واحد يتم القضاء على مواهب البعض منهم إما على الدكة او بالإعارات لعدة اندية لا تساعد على تطويرهم وهذا من اهم عوامل تراجع كرة القدم حالياً حيث نشاهد فريق يستحوذ على عدد كبير من النجوم بعكس السابق كانوا منتشرين بين العديد من الاندية حتى المتوسطة منها .

سادساً  / لا يمكن تغافل حضور وتفاعل الجماهير وهو عامل يضيف جمالية لأي دوري ، اجواء ملاعب ايطاليا عندما تكون ممتلئة بالجماهير لا يمكن مقارنتها مع الملاعب الانجليزية والاسبانية .. نتذكر انتقادات فيرجسون لسوء تفاعل جمهور فريقه وكذلك فعل مورينيو عندما طالب جماهير الريال بأن تكون مثل جماهير انتر .. والامثلة كثيرة .

كل تلك العوامل اجتمعت فقط في الكالتشيو منذ بداية الثمانينات وحتى منتصف الالفية لذا كان بالإجماع الدوري الافضل .. والان ، هل نجد هذه العوامل مجتمعة سواء في الدوري الايطالي او الانجليزي او الاسباني ؟ بالطبع لا .. اذاً مقولة الدوري الافضل في العالم انتهت ولن تعود وتعود معها قيمة ومتعة كرة القدم الحقيقية إلا بعودة الدوري الايطالي كـ قوة اقتصادية ووجهة أولى للنجوم ، وحتى ذلك الحين ليستمتع كلاً منا ببطولته المفضلة ولنترك المقارنات والجدل الغير مجدي جانباً .